سـورة الحـج 022 - الدرس (7): تفسير الآيات (65– 78)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ..."> سـورة الحـج 022 - الدرس (7): تفسير الآيات (65– 78)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ...">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج بريد الأسرى: بريد الأسرى - 17 - 04 - 2024           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 08 - فقدنا الأمل في الدعاء - د. عمر عبدالحفيظ           برنامج الكلمة الطيبة 2024: الكلمة الطيبة - التضامن مع الأسرى           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 389 - سورة المائدة 006 - 006           برنامج منارات مقدسية: منارات مقدسية - 272 - مقبرة باب الرحمة           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 07 - بشرى لمن قصف بيته - الشيخ محمد نور         

الشيخ/

New Page 1

     سورة الحج

New Page 1

تفســير القـرآن الكريم ـ سـورة الحج (الآيات: 65- 78)

21/06/2011 15:42:00

تفسير سورة الحج (022)

الدرس (7)

تفسير الآيات (65- 78)

 

لفضيلة الدكتور

محمد راتب النابلسي

 


 

       الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ،  واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

        أيها الإخوة المؤمنون ... مع الدرس السابع والأخير من سورة الحَج ، وصلنا في الدرس الماضي إلى قوله تعالى .

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

من آيات الله : جريان الفلك في البحر       

       هذه الآيات المصدَّرة بكلمة " ألم تَرَ " تعني أن هذه الآية تحت سمع الإنسان وبصره ، في متناوله ، أيْ أَنَّ ما في الأرض مِن طاقات ، ومن قِوى ، ومن مواد كلُّها مسخَّرةٌ للإنسان ، لِمَن الحديد ؟ مَن الذي يستفيد منه على وجه الحصر ؟ الإنسان ، وكذلك النحاس ، الرصاص ، أنواع المعادن، وأشباه المعادن ، وجميع أنواع الفلزات ، والطاقات الكامنة في باطن الأرض كلُها لمَن ؟ كلُّها مسخَّرةٌ للإنسان ، ما على وجه الأرض من حيوانات كلها مسخرةٌ للإنسان ، بعضها مذلَّل ، وبعضها غير مذلَّل ، والذي هو غير مذلَّل في النهاية مذلَّل ، فربنا سبحانه وتعالى يُلْفِتُ نظرنا إلى أن كل ما على وجه الأرض مِن آياتٍ ، من قِوى ، من مواد ، من معادن ، من أشباه معادن ، من مظاهر طبيعيَّة ، من طاقات إنما هي مسخَّرةٌ للإنسان ، ودائماً الشيء المُسَخَّرُ له أكرم من المُسَخَّر .

        أيها الإنسان : أنت المخلوق الأول ؛ الأرض كلُّها مسخَّرةٌ لك ، تحتاج إلى ثيابٍ ترتديها في الصيف فجعل الله لك القطن ، تحتاج إلى ثيابٍ ترتديها في الشتاء فجعل الله لك الصوف، تحتاج إلى معدن قاسٍ تستعين به في حرفتك فجعل لك الحديد ، تحتاج إلى معدن خفيف فجعل لك معدناً خفيفاً ، تحتاج إلى معدن لا يصدأ يكون قيمةً للسلع فجعل لك الذهب والفضَّة، تحتاج إلى معدن سريع النقل فجعل لك النُحاس ، أيْ أَنَّ أنواع المعادن وخواص المعادن الفيزيائيَّة والكيميائيَّة هذه كلُّها مسخَّرةٌ للإنسان ، أشباه المعادن مسخَّرةٌ للإنسان ، وكذلك أنواع الصخور ، أنواع الرمال ، وغير ذلك كثير .

        أنت بحاجة إلى بلور يُدخل لك النور ، ويقيك من البرد ، فكان البلور، والبلور أساسه الرمل ، والرمل خُلِقَ خصيصاً لتصنعه على هذا الشكل ، إذاً ربنا سبحانه وتعالى يُخاطب الإنسان الغافل ، الإنسان المُقَصِّر:

 

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ﴾

أن الله خالق الكون ..

 

 

﴿ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ﴾

من آيات الله : كنوز الأرض

        شيءٌ آخر ، لو أن الأرض فيها معادن ، فيها أشباه معادن ، وفيها غازات ، وفيها مواد صلبة ومواد سائلة ، وفيها تلال ، وفيها جبال ، وفيها وديان ، وفيها بحار ، فيها نباتات ، وفيها حيوانات ، ولَم يُعْطِ الإنسان القدرة الفكريَّة على تسخير هذه المخلوقات ، فما قيمتها ؟ .

        إذاً هناك أشياء ثلاثة : أرضٌ كل ما عليها ، وكل ما فيها مسخَّرٌ لك ، وهناك مخلوقٌ أوَّل أودع الله فيه عقلاً يستخدمه لتسخير ما على الأرض ، مَنْ جعل مِن هذه المواد مَرْكَبَةً ؟ مَن جعل مِن هذه المزروعات غذاءً ؟ مَن جعل مِن هذه المواد الأوليَّة بيتاً ؟ مَن جعل مِن الصوف كساءً ، ومِن القطن ثياباً ؟ فالإنسان أُعْطي إمكانات لاستخدام ما على الأرض ، فلذلك التسخير يعني أن الله سبحانه وتعالى خلق أشياء ذات نفع عَميم سخَّرها لك ، وأعطاك إمكانات تستغلُّ بها هذه الأشياء .

        وهناك شيءٌ آخر : نواميس الأرض متوافقةٌ مع نواميس الإنسان ، فالأرض دورتها حول نفسها في اثنتي عشرة ساعة تقريباً في الاعتدالين ، وأنت إذا قمت بعمل تستنفذُ قِواك في ثماني ساعات ، لو أن النهار يدوم خمسين ساعة ، وأنت تُستنفذُ قُواك في ثماني ساعات لاضطربت الحياة على وجه الأرض ، لو كان الليل ساعة واحدة لاضطرب الأمر كذلك ، فدورة الأرض حول نفسها تتوافق مع ما أُودِعَ فيك من قدرات ، طول الليل والنهار ، حجم الأرض ، مقدار الجاذبيَّة التي على وجه الأرض هذا كلُّه متوافقٌ مع الإنسان ، هواء الأرض متوافقٌ مع رئتيك ، تركيب الهواء ، نِسَب الهواء متوافقٌ مع طبيعتك .

        إذاً الأشياء التي أودعها الله في الأرض ؛ أنواع الصخور ، أنواع الجبال ، أنواع التلال ، أنواع الوديان ، البحيرات الحلوة والمالحة ، والأنهار ، أنواع الأسماك ، أنواع الأطيار ، أنواع الحيوانات ، أنواع النباتات ، بالمئات ، ثلاثمئة نوع عنب ، أربعمئة نوع تفَّاح ، وثلاثة آلاف وخمسمئة نوع قمح ، فالله عزَّ وجل خلق كل نوع من هذه الأنواع ، بعضه ينمو في الصيف ، بعضه في الشتاء ، بعضه فيه قساوة ، بعضه فيه لين ، هذا للصناعة ، هذا للخبر ، أنواع منوَّعة ، ليس في الأرض فاكهة ولا إنتاج نباتي إلا وله أنواع منوَّعة تختلف بحسب الاستعمال السريع ، أو الاستعمال البطيء ، أو التخزين ، أو التموين ، أو الاستهلاك ، هذا كلُّه من فضل الله عزَّ وجل.

       فأولاً : الأشياء مُسَخَّرة ، والإنسان أودع الله فيه إمكانات استخدام هذه الأشياء ، الإنسان استخرج المعادن ، استخرج البترول ، أخذ الفلزات ووضعها في فرن عالٍ وصهرها ثم جعلها حديداً ، والحديد جعله أنواعاً ، والنُحاس كذلك ، والرصاص كذلك ، وأنواع المعادن المُشِعَّة أيضاً ، والإنسان استخدمها .

       كذلك هناك شيءٌ آخر : هو أن نواميس الأرض ، حجم الأرض ، دورة الأرض حول نفسها ، حول الشمس ، جوُّ الأرض ، حرارة الأرض متناسبة مع طبيعة الإنسان ، ومع جسده ، ومع رئتيه ، ومع قلبه ، ومع جسده ، إذاً هذه الآية :

 

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ﴾

تسخير الكون للإنسان

    هذا الذي نجلس عليه مسخَّر ، هذه الأنعام التي خلقها الله لنا مسخَّرة ، وهذه الثياب التي نرتديها مسخرة ، وهذا الذي نضعه في أيدينا مسخَّر ، الساعات مسخَّرة ، مصنوعة من موادَّ، واستغلَّها الإنسان ، وصَنَّعها كما يريد ، وأي شيء تستخدمه ؛ شيء صلب ، ليِّن ، مائع ، لزج ، سائل، غازيّ كلُّه مسخَّر ، المواد ، الحاجات ، النباتات ، الحيوانات ، والله عزَّ وجل يلفت نظر الإنسان إلى أن كل ما على الأرض مسخَّرٌ للإنسان ، وبعدُ ألا يستحي الإنسان ؟

أيا غافلاً تبدي الإساءة و الجـهلاَ       متى تشكر المولى على كل ما أولى؟

عليك أياديه الكرام وأنت لا تراها       كـأن العـينَ عمــيـا أو حـولا

لأنت كمزكومٍ حوى المسك جيبه        ولـكنَّه المـحروم ما شمَّه أصــلاَ

*  *  *

إلى متى أنت باللذَّات مشغولٌ          وأنت عن كل ما قدَّمت مسؤولُ ؟

*  *  *

       فيا أيُّها الإنسان إذا قدَّم لك أحدٌ شيئاً ثميناً تصبح أسيراً له طوال حياتك ، عطاءٌ محدودٌ من إنسان يجعلك أسيراً له ، وكل هذا الكون ، وكل ما في الأرض، وكل ما على الأرض مسخَّرٌ لك أيُّها الإنسان ومع ذلك ألا تشكره ؟ ألا تنصاع لأمره ؟ ألا تستحي منه ؟! كما يقول الله في الحديث القدسي :

((ابن آدم كَبِرت سنُّك ، وشاب شعرك ، وضعُف بصرك ، وانحنى ظهرك فاستحي مني فأنا أستحي منك)) .

( ورد في الأثر )

﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ ﴾

( سورة الحديد : من آية " 16 " )

من لوازم رؤية آيات الله الخضوع التام

      حينما يرى الإنسان هذه الآيات الدالَّة على عظمة الله عزَّ وجل يجب أن ينصاع لله طائعاً وراكعاً وساجداً ، لو أن الإنسان ألزم نفسه هذا الأسبوع فنظر في أيِّ شيءٍ يستعمله لرأى أن الله سخَّره له ، بالدليل العلمي أي شيء تستخدمه ، إذا ركبت مركبةً مَن الذي خلق هذا الوقود السائل ؟ من أودع فيه قوَّة الانفجار ؟ فمركبة وزنها طن هل بإمكان خمسة رجال أن يدفعوها بصعود ، في طريق صاعدة ؟ فما هذا الوقود السائل الذي ينفجر فيحرِّكها ؟ مَن سخَّره لنا ؟ ضع مكان البترول ماء هل تسير السيارة ؟ هذا الغاز الذي تستخدمه في البيت مَن أودع فيه قوة الاشتعال ؟ الله سبحانه وتعالى ، هذا الهواء الذي تستنشقه مَن جعل نسبه دقيقة جداً ؟ آزوت ، وأكسجين ، وغازات نادرة مَن ؟ هذا الماء الذي تشربه مَن جعله لا لون له، ولا طعم له ، ولا رائحة ؟ فهو نفوذٌ ، يذيب كل شيء ، يتبخَّر بدرجة منخفضة ، من أعطاه هذه الخصائص ؟ ما من سائلٍ ، ولا غازٍ ، ولا شيءٍ صلبٍ إلا وله صفات فيزيائيَّة وكيميائيَّة، من جعلها بهذا الشكل لتوافق حاجاتك ؟

        فمرَّة وجدت على سور حديقة حديداً مثبَّتاً بالحجر فاستوقفني هذا المشهد ، طبعاً كيف يُثَبَّت الحديد بالحجر حيث يصبح الحديد والحجر قطعةً واحدة ؟ لابدَّ من الرصاص ، يُحْفَر الحجر حفرة كرويَّة يُوضَع إسفين الحديد فيها ، ويُسْكَبُ الرصاص .. مَن جعل الرصاص يذوب بدرجة مئة ؟ على موقدٍ غازٍ عادي ، ما من حاجة إلى فرن عال ، فمثلاً عاملُ الحديقة  يذيب الرصاص بحوجلة صغيرة فوق مصباح ، أو فوق موقد غاز ، أو على أيّ موقد آخر يُذاب هذا الرصاص ، ثم يُصبُّ هذا الرصاص في هذه الحفرة ، فمن أعطى الرصاص خاصيَّة التمدُّد بعد التجمُّد ؟ الله سبحانه وتعالى ، بعد أن يصبح الرصاص بارداً وصُلباً يصبح الحديد والحجر قطعةً واحدة .       وهل تصدِّقون أن الحشوات التي توضع في أسنانكم عند طبيب الأسنان أساسها الرصاص ؟ لأنها حينما تَجْمُد تتمدَّد فتأخذ مكاناً يصعب اقتلاعها ، من جعل الرصاص بهذه الخاصَّة ؟ الله سبحانه وتعالى جعل انصهاره سهلاً ، وتجمُّده سهلاً ، وبرودته سهلة ، وتمدُّده سهلاً ، مَن جعل الماء في درجة زائد أربعة يتمدَّد ولولا هذه الخاصَّة لهلك كل من على الأرض ؟ الله سبحانه وتعالى ، لذلك فهذه الآية ذات معانٍ ودلالات واسعة جداً :


﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ﴾

لكم ، أيْ سخَّر كُلَّ ما في الأرض خصيصاً لكم ، وإكراماً لكم .

الأرضُ وما فيها خُلِقت لحكمة وليس عبثًا

       هناك فكرة دقيقة جداً ، الفكرة مؤدَّاها أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق هذه الأشياء عبثاً ثم جئنا نحن واستفدنا منها ، لا ، إن هذه الأشياء خُلِقَت منذ الأصلِ مصمَّمةً خصيصاً للإنسان ، متوافقةً مع حاجاته .

        هذه البقرة ؛ مَن أودع فيها هذه الخاصَّة ، خاصَّةَ إعطاء الحليب ؟ لو أن البقرة تفرز الحليب لوليدها فوليدها يحتاج لاثنين كيلو فقط ، إنها تعطي أربعين كيلواً في اليوم لماذا ؟ ومَن يُصَدِّق أن كل كيلو حليب محصلة دوران أربعمئة كيلو من الدم في الخلايا الثديية للبقرة ، فكل كيلو حليب يقابله أربعمئة كيلو من الدم تذوب في الشعريَّات حول الغدد الثديية في البقرة، هذه البقرة معمل متنقِّل ، معمل صامت لا يحتاج إلى ضجيج ، البقرة مسخَّرة ، والغنمة مسخَّرة .

        والدجاجة مسخرة إنها تأكل من خشاش الأرض فتعطيك بيضة كلُّها غذاء ، فيها ثلاثة عشر فيتاميناً ، خمسة عشر شبهَ معدنٍ ومعدن ، البيضة شيء دقيق جداً ، آخر بحث للبيضة أن غلاف البيضة الكلسي فيه حوالي عشرة آلاف ثُقب من أجل التنفُّس ، هذا الرشيم حينما يبدأ بالنمو يحتاج إلى الأُكسجين ، والغشاء الذي تحت الغلاف الكلسي فيه ثقوب تقابل ثقوب الغلاف الخارجي ، وكل ثقب بالغلاف الداخلي الدقيق الرقيق موصول بأنبوب إلى الرشيم ، أيْ عشرة آلاف أنبوب موصولة بفتحات في الغشاء الرقيق ويقابل هذا الغشاء الرقيق عشرة آلاف فتحة بالغشاء الخارجي .. الكلسي .. مِن أجل تنفُّس الرشيم حينما تُحْضَن البيضة ، ما هذا ؟ هذه بعض نتائج البحوث الحديثة في البيضة ، كلها مسخَّرٌ لنا ..

 

  ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ  ﴾   

انظر إلى اللَّحم الذي تأكله ؛ لحم الدجاج ، لحم السمك ، لحم الغنم ، لحم الماعز ، لحم البقر ، لحم الجمل ، فالجمل للصحراء ، والبقر للحليب ، والغنم للحم والجلد والصوف ، والدجاج للحم والبيض ، والمزروعات ، وأنواع الخضراوات ، والفواكه ، والثمار ، والمحاصيل .. إلخ ..

 

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ﴾

طريقة جريان الفلك في البحر بأمرِ الله

    فمن أعطى الماء قوَّة التماسك ؟ الماء فيه قوَّة تماسك ، هذه القوَّة تجعل الأجسام التي عليه تطفو إذا أزاحت ماءً أقلَّ من حجمها حسب قانون أرخميدس ، فهذا الماء الذي أودع الله فيه قوة التماسك ، فيه قوة دفع نحو الأعلى لولا هذه القوة لما استُخدم البحرُ لنقل الركَّاب والبضائع ، املأ وعاءً من الماء وأغمسه في بركة ماء ، تحس أن أربعة أخماس وزنه تلاشت ، أين ذهب هذا الوزن ؟ هناك قوَّةٌ دافعةٌ نحو الأعلى ، هذه التي أشار الله إليها :

 

﴿ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾

     لولا قوَّة الدفع نحو الأعلى ، لولا تماسك ذرَّات الماء لما أمكن للسفن أن تمخر عُباب المحيط ، طبعاً البحر له فوائد كثيرة جداً ، لو كان البحر بحجم أقل لانعدمت الحياة من على سطح الأرض ، لكن هذا الحجم المدروس حيث إن التبخُّر يساوي حجماً من السحب كافياً لهطول الأمطار وإنبات المزروعات ، لذلك البحر حجمه فيه حكمة بالغة ، وحجم البر له حكمة بالغة ..

الصحارى

       والصحارى كما قلنا اليوم ، فهذه الكُتل الهوائيَّة المتمركزة فوق الصحارى  تكتسب من حرارتها ، وتلك الكتل المتمركزة فوق القطب تأخذ من حرارة القطب ، ومِن تمركُز كتل هوائيَّة باردة فالهواء البارد ينكمش ، وتكثر كثافته ، ويزداد وزنه فيتجه نحو الأسفل ، والهواء الساخن تقلُّ كثافته، ويخفُّ وزنه ، ويتمدَّد ويتجه نحو الأعلى ، وجود منطقتين منطقة ضغط خفيف وضغط مرتفع ، تنشأ تيَّارات هوائيَّة ، هذه التيارات تبدل جو الأرض ، تنقي الجو ، فالبارحة مساءً بعض هذه النسمات العليلة بدَّلت جوَّ دمشق الذي سيطر عليها منذ خمسة أيَّام، وتصريف الرياح من آيات الله الدالَّة على عظمته ، أيضاً هذا مسخرٌ للإنسان ، الرياح ، والأمطار ، والسحب ، والثلوج ، والبَرَدْ ، وما شاكل ذلك ..

 

﴿ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ﴾

إِنّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أن تَزُولاَ

        كما قلنا في دروس سابقة : ربنا عزَّ وجل جعل فوق الأرض كتلة هوائية يزيد سُمْكُها عن خمسة وستين ألف كيلو متر ، وهذه الكتلة الهوائية عبارة عن طبقات ، بعض هذه الطبقات تزيد حرارتها عن ألف وخمسمئة درجة ، بحيث أن كل جسمٍ ساقطٍ على الأرض يصبح شهاباً ، ويتشهَّب بهذه الطبقة ، واللهُ سبحانه وتعالى جعل السماء سقفاً محفوظاً كما ذكر في آيات أخرى ، لذلك فكل جسم ساقط بحكم الجاذبية لابدَّ أن يتشهَّب في هذه المنطقة ، الحرارة ألف وخمسمئة درجة ، لذلك منظر الشُهب حينما تسقط وهي أصلاً أحجار كبيرة ، نيازك، كويكبات تسقط باتجاه الأرض ، وتمرُّ بهذه المنطقة فتصبح رماداً لا يرى إلا بالمجهر ، فالله سبحانه وتعالى بهذه الطريقة يحول بينها وبين سقوطها لما كانت حجارة ، قال تعالى :

 

﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ﴾

     لولا هذه الطبقة الحارَّة لرُجِمَت الأرض بالكويكبات والأحجار والنيازك وما شاكل ذلك ، لكن الله أحياناً يسمح لنيزك كبير جداً أن يصل إلى الأرض لنعرف نعمة الله عزَّ وجل في حجز هذه الكويكبات وهذه الأحجار المُمتلئة التي تملأ الفضاءَ الخارجي ، بفضل هذه الطبقة التي تتشهَّب فيها كل الأجسام ، وطبقة الأوزون تمنع الأشعَّة القاتلة أيضاً هذا من حفظ الله عزَّ وجل للأرض ..

 

﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾

كل نظام الكون بإذن الله

      إلا أن يأذن الله لبعض النيازك فتصل إلى الأرض ..

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

من مظاهر رأفة الله ورحمته بالخَلق

    رؤوف بهم ، جعل هذه الأرض فيها آياتٍ دالَّةً على عظمته كي نعرفه ، فإذا عرفناه عبدناه ، وإذا عبدناه سعدنا بقربه ، سعدنا في الدنيا والآخرة .

       شيءٌ آخر :

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

    جعل كل حاجاتنا في الأرض ؛ تحتاج إلى مواد صلبة ، إلى معادن، إلى أشباه معادن ، إلى أملاح ، إلى مواد مشعَّة ، إلى مواد تمتص ، إلى مواد مُخَمِّدة للصوت ، كله في الأرض موجود، فكم نحن بحاجة إلى المطَّاط ‍ ؟ فهل يمكن مثلاً أن تصل بين جسمٍ قاسٍ مع جسم قاس آخر من دون اضطراب إلا بالمَطَّاط ؟ هذا من خلق الله عزَّ وجل ، فكل شيء أنت بحاجة إليه فمثلاً هناك رخام يمتصُّ الحرارة ولا يشعُّها ، ثمنه باهظ جداً ، الحجَّاج في أمسَّ الحاجة إليه ، مقتلع من اليابان ، تطوف حول البيت ودرجة الحرارة خمس وستون درجة فتجد الرخام بارداً ، مَن خلق فيه هذه الخاصَّة ؟ نادر جداً ، هذا مسخَّر لهذا المكان بالذَّات .. فربنا عزَّ وجل جعل كل حاجاتك مؤمَّنة على وجه الأرض .

       حتى عندما احتاج الإنسان للتصوير مثلاً ، فمن أين أتى بالمواد التي لها حساسية بالغة بالضوء ؟ أليست هي من خلق الله عزَّ وجل ؟

 

 

﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾

 

 

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ﴾

إخراجُ اللهِ الإنسانَ إلى الدنيا بعد عدم وإعادتُه يوم القيامة

    كنتم أمواتاً فأحياكم ، أي كنتم في حالة العدم ، الإنسان قبل أن يولد﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾

( سورة الإنسان )

       كنتم أمواتاً ، أيْ في طور العدم فأحياكم ، حُوَين منوي لقَّح بويضة ، وانقسمت البويضة عشرة آلاف قسم وهي في طريقها إلى الرحم ، ثم تعلَّقت في الرحم فكانت علقةً فمضغةً ، نمت العظام ، كساها الله لحماً ، فأصبح كائناً له أجهزة وله أعضاء ، وله جلد ، وله شعر ودماغ ، وأعصاب ، وقلب ورئتان ، وعضلات ، وعظام ، أليس الابن المولود من آيات الله الدالَّة على عظمته ؟

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ﴾

من مظاهِر قوله : ] وَهُوَ الّذِي أَحْيَاكُمْ [

     الله عزَّ وجل خلق له في جسمه رئتين ، وهو في رحم أمِّه ليس بحاجةٍ إليهما ، معنى ذلك أن هناك تخطيطاً ، فالطفل في بطن أمه لا يتنفَّس ومع ذلك خُلِقَت له رئتان .

        وقلب الطفل ؛ ما دام الطفل لا يتنفُّس فمعنى هذا أن طريق الدم من الأذين إلى الرئة إلى الأذين معطَّل ، إذاً ربنا عزَّ وجل خلق ثقباً بين الأذينين وهو ثقب .. بوتال ، لأن العالم الذي اكتشفه اسمه بوتال .. لكن حينما يولد الجنين ، ويخرج إلى الدنيا فإنَّه يتنفَّس ، فإذا بقي هذا الثقب مفتوحاً يصاب بمرض اسمه داء الزَرَق ، لكن تأتي جلطة ، هكذا قال الأطبَّاء : فتغلق هذا الثقب ليحيا المولود ، يدُ مَن كانت داخل قلب الطفل الصغير ؟ لولا أن يُغْلَقَ هذا الثقب لما عاش إنسان ، لكن ربنا عزَّ وجل لحكمةٍ بالغة يجعل من حينٍ لآخر ، من بين كل خمسين ألف ولادة ، أو كل مئة ألف أو مليون ولادة يجعل طفلاً صغيراً ثقبه مفتوحٌ لحكمةٍ بالغة ، وليس هذا على حساب الطفل ، بل يكونُ أجله قصيراً بعلم الله ، لكن هذا درس لنا فيولد الطفل هكذا ، يدُ من دخلت إلى قلب هذا الطفل ، وأغلقت هذا الثقب المفتوح موقَّتاً بين الأذينين ؟

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ﴾

مَن جعل القلب ينبض بالجنين ؟ مَن أعطى الطفل الحياة ؟ الله سبحانه وتعالى ..

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾

الموت قانون و آية من آيات الله

      والموت آية من آيات الله الدالَّة على عظمته ، حتى الآن تعريف الموت صعب جداً ، هل الموت توقُّف القلب ؟ لا يكفي ، الآن يضعون للمريض قلباً صناعياً والدم يُضَخُّ في جسمه وهو ميِّت ، ليس معنى الموت إذاً توقُّف القلب ، بعضهم يقول : توقُّف جذع الدماغ عن النشاط ، لا يزال تعريف الموت موضوعاً حَيَّر العلماء ، فحياة الإنسان في بطن أمِّه آية وموته آية ..

 

﴿ وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾

بعد الموت ..

 

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ﴾

كفر الإنسان وجحودُه

      حياته بيدِ الله ، وموته بيد الله ، وبعثه بيد الله ومع ذلك ينسى الإنسان اللهَ سبحانه وتعالى ، قال : " يا رب كيف أشكرك ؟ ".." قال الله عزَّ وجل : تذكرني ولا تنساني ، إنَّك إن ذكرتني شكرتني ، وإذا ما نسيتني كفرتني " .

 

 

﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ﴾

تيسير الله طريق الهداية لكل الناس

    أيْ أَنَّ ربنا سبحانه وتعالى جعل لكل أمَّةٍ طريقاً يصل إليه ، الصلاة طريقٌ إليه ، الصوم طريقٌ إليه ، الحَج طريقٌ إليه ، أوامر الله عزَّ وجل في مُجْمَلِها طريقٌ إليه ، سُنَّة النبي عليه الصلاة والسلام في مجملها طريقٌ إليه ، هذا المنسك أيْ عبادة ، ربنا عزَّ وجل مِن أجل أن يسعد العباد رسم لهم طريقاً إليه ..

((  أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ؟ قَالُوا : لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ، قَالَ : فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا )) .

( من صحيح مسلم عن أبي هريرة ) 

     فربنا عزَّ وجل جعل الصلاة طهوراً تطهِّر الإنسان من أدرانه ، وجعل الصلاة نوراً تريه الحقَّ حقاً والباطل باطلاً ، وجعل الصلاة حُبوراً ، تسعده ، تطهِّره وتنير قلبه وتسعده ، هذه حِكَمُ الصلاة ، وهي مناجاةٌ ، وهي ذكرٌ ، وهي خشوعٌ ، وهي دعاءٌ ، فالصلاة منسك ، والصوم ترك طعامه وشرابه من أجل الله منسك ، والحج تَرَكَ أهله وبلاده ومكانته ومَن حوله وجاء إلى الله راغباً فيما عنده ، فالحج منسك من مناسك الله عزَّ وجل ، فربنا عزَّ وجل رحمةً بالإنسان جعل لكل أمةٍ منسكاً هم ناسكوه ..

 

﴿ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْر ِ﴾

عدم التفات للأنبياء إلى منازعيهم لأنهم على صراط مستقيم

       أيْ يا محمد هؤلاء الذين يعترضون عليك لا تلتفت إليهم ، لا تتنازع معهم ، فالآية تعني أن الله سبحانه وتعالى أنهى مَنْ حول النبي مِن المشركين أن ينازعوه ، بمعنى أن النبي ينبغي أن يُعْرِض عنهم ، وألا يلتفت إليهم ، وأن يصبر على اعتراضاتهم ليتلافى منازعاتهم ، وتعكير صفوه مِن أجلهم ..

 

﴿ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ﴾

أي دعهم وشأنهم ، وادعُ إلى ربك ..

 

﴿ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ﴾

 

 

إنك لعلى الحق المبين .

﴿  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ

( سورة المائدة : من آية " 67 " )

       و ..

 

﴿ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ ﴾

فهذا الهدى يصل بك إلى الله عزَّ وجل أنت ومن تبعك ..

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي ﴾

( سورة يوسف : من آية " 108 " )

       فمِنْ رحمة الله بالإنسان أن الله سبحانه وتعالى جعل له هذه العبادات ، بها يرقى ، بها يطهُر ، بها يرى ، بها يتَّصل ، بها يسعد ، فهذه العبادات مؤدَّاها للإنسان لأنَّ الله سبحانه وتعالى غنيٌ عنَّا ..

((لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ)) .

( من صحيح مسلم : عن " أبي ذر " ) 

ذلك بأن عطائي كلام وأخذي كلام ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه.

       فهذه الآية .. تعني أن الصلاة لنا ..

 ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾

 ( سورة العنكبوت : من آية " 45 " )

       والصيام لنا ..

((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ)) .

( من صحيح البخاري عن أبي هريرة )

       والحج لنا ..

﴿ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾

( سورة إبراهيم : من آية " 97 " )

       من معاني هذه الآية : إذا حَجَّ الإنسانُ حجاً صحيحاً أَمِنْ مِن عذاب الله طوال حياته ، إذا دخل على الله هذا الدخول الصادق المُخلص ، فطهر قلبه من كل دنس ، وارتقى إلى الله عزَّ وجل ، سعِدَ في دنياه وأخراه ، فكان آمناً ..

 

﴿ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ

     أحياناً يُؤتَى الإنسانُ قوَّةَ جَدَل ، يؤتى القدرة على المناقشة ، هذه تُسَمَّى القدرة على الإقناع ، قد يكون عمله في واد ، وأفكاره في واد ، قد يكون منافقاً ، قد يؤتى طلاقة في اللسان ، قد يؤتى قدرة على إقناع الآخرين ، العبرة أن يكون العمل صحيحاً ، فالله سبحانه وتعالى يقول :

 

﴿ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

    أيْ أَنَّ هذا الذي يجادلك لا تلتفت إلى كلامه ، بل انظر إلى عمله ، فإن كان مستقيماً فاهتم بكلامه ، وإن كان غير مستقيم فلا تلتفت إليه ، لأن هذا كلامٌ لا يُقدِّم ولا يؤخِّر ..

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ(1)فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾

( سورة الماعون )

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى* عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾

( سورة العلق )

       أيْ انظر إلى عمله ، هذا الذي ينهى عبداً إذا صلَّى هو كاذب ، منافق ، مخادع ، وصولي ، أناني يحبُّ ذاته ، يبني مجده على أنقاض الآخرين ، هذا الذي ينهى عبداً إذا صلَّى يحب أن يأكل ، ويجوع الناس ، يحب أن يكتسي ، ويعرى الناس ، يحب أن يطمئنّ ، ويخاف الناس ، هذا الذي ينهى عبداً إذا صلَّى لا تلتفت إليه ، لا يستحقُّ أن تناقشه ..

 

﴿ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

      العبرة بالعمل ، الإنسان المستقيم أغلب الظن يوافق أهل الحق على ما يقولون ، لأنه قريب من الله عزَّ وجل ، فقلبه مستنير ، فيرى هناك تطابقاً عجيباً بين ما في نفسه وبين أٌقواله ، لكن المنحرف أكلَ المال الحرام مثلاً، هذا لا يحبَّ أن تشدِّد عليه في كسب المال ، يتضايق ، يهاجمك ، يسفِّه لك آراءَك ، لأن عمله سَيِّئاً ، ما دام عمله سيِّئ إذاً يردُّ الحق ويدافع عن الباطل ..

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

( سورة القصص : من آية " 50 " )

       والدليل مثلاً : أن الإنسان الذي يحب الاختلاط يهاجمك إذا أمرته بالابتعاد عن النساء المُحَرَّمات ، يهاجمك ويقول لك : هذا تخلُّف ، هذا تزمُّت وضيق أُفُق ، أين عايش أنت ؟ بأي عصر عايش ؟! هو استمرأ لنفسه هذا السلوك ، هو يدافع عن شهوته ويردُّ الحق .. لذلك فالمرء العاقل لا يتورَّط في مناقشة إنسان منحرف ، لا تناقش غبياً ، ولا تناقش منتفعاً ، ولا تناقش قوياً ، ولا تناقش منحرفاً ، هؤلاء لا يُنَاقَشون ، هو يدافع عن باطله ، يدافع عن شهوته ، يدافع عن انحرافه ، يهاجم الحق ولو كان ناصعاً كالشمس ..

 

﴿ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

    أما إذا ناقشك رجلٌ مستقيم فاحترم آراءه ، وإذا كان خَطَّأك في بعض الأحيان فقد تكون أنت المخطئ ، وهو المصيب ، فخذ كلامه على محمل الجد ، إذا كان الشخص مستقيماً ملتزماً بالحق ، وبيَّن لك غلطاً في سلوكك أو في أفكارك فاهتم به اهتماماً كبيراً جداً ، لأنه ينطلق من حق ، لأن الأساس هو التطبيق ، فالإنسان غير المُطَبِّق لا يستحقّ أن تستمع له ، ولا أن تلقي له بالاً ، ولا أن تناقشه، ولا أن تحاوره ، إلا في حالة واحدة ، وهي إذا قال لك : أنا حينما أقتنع ألتزم ، صار له عليك حقٌ ، إذا قال لك : أنا مع الحق حيثُ دار ، أقنعْني أن هذا حرام فسأتركه ، أقنعْني أن هذا حق فسأتّبعه ، عندئذٍ يجب أن تُشَمِّر ، وتوضِّح له الحق إلى آخر درجة ..

 

 

﴿ وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ

يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾

الله سبحانه هو الحَكَم العدلُ

      الله هو الحَكَم ، والإنسان السعيد من كانت عقيدته وأعماله وَفق القرآن الكريم ، لأن الله ناصره وهو الذي يحكم بينه وبين خصومه يوم القيامة ..

 

﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾

 

 

     إذا كان إنسان ترجو خيره وتخاف بطشه ، وإذا غلب على يقينك أنه يراقبك مراقبةً دقيقة ، فأغلب الظن أنك لابد أن تطيعَه دائماً ، المُشكلة مع الناس أنهم يعتقدون أن الله هو الخالق ، أما إذا علموا أن الله يعلم كل شيء صغيراً أو كبيراً ، كل خاطر ، كل نيَّة يعلمها ، وسيثيب عليها إن كانت خيراً ، وسيعاقب عليها إن كانت شرَّاً ، إذا بلغ حدَّ علمك أن الله يعلم فلابدَّ من أن تنضبط ، لذلك ربنا عزَّ وجل قال :

﴿ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ﴾

( سورة المائدة : من آية " 97 " )

       إذا علمت أن الله يعلم انضبطت ، لو كنت محاسباً ، وعليك مراقبة تلفزيونيَّة .. مرَّة دخلت إلى محل تجاري فوجدت شاشة وشخصاً يكتب في دفاتر ، فسألته مَنْ هذا ؟ قال : هذا موظَّف ، قلت : هذه مراقبة مستمرَّة .. لو كان صاحب هذا المحل مما يرجى خيره ، أو يخشى شرُّه ، وشعر هذا الذي يكتب أن عليه مراقبةً دائمةً ماذا يفعل ؟ أيضيِّع الوقت ، أيغادر الطاولة ، لا يستطيع  ، فإذا كان الإنسان مراقَبًا مِن قِبَل إنسان آخر فهناك اهتمام بالغ ، أحياناً توجد صالات مكتوب على لوحة فيها : انتبه الصالة مراقبة ، مراقبة تلفزيونياً ، إذا وضع أحدٌ غرضاً في جيبه فهو مُراقَب ، فإذا كان الإنسان يُراقب تجد أن هناك انضباطاً ، فكيف إذا كان ربنا عزَّ وجل هو المراقب؟!

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

( سورة النساء )

    إنّ كثيرًا من الأمكنة مراقبةٌ بالتصوير ، فلو أن إنساناً أسرع بسيارته في شارع مراقب ، وعلم أن صورة سيارته مع المخالفة ستظهر ، فلا يستطيع إذاً أن يسرع ، وإذا توصَّل إنسان لجهاز مراقبة مع التقاط الصور ، فالناس ينضبطون انضباطَ خوف ، وانضباطَ ردع ، وليس انضباطَ وازع ، فكيف لو غلب على يقين الإنسان أن الله بالمرصاد ..

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

 

﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾

علْمُ اللهِ محيطٌ بكل شيء في الأرض والسماء

    ألا يكفي الإنسانَ دافعٌ للاستقامة أن الله يعلم ؟ فالإنسان العاقل يرتدع ويرعوي إذا أصدر شخصٌ ذو مكانة أمراً ، ورتَّب على المخالف عواقبَ وخيمة ، وهو يراقبك ، فمستحيل أن تخالف أمره ، مستحيل بحكم المنطق أن تخالف أمر إنسان يفعل ما يقول ، ويتوعَّد مَن يخالفه ، فإذا كنت منضبطاً مع إنسان ، فكيف بخالق الأكوان ؟

 

﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾

فهذا الذي يفعله الناس مُسَجَّل ، كتاب ..

﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا

( سورة الإسراء )

﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ

( سورة المطففين )

معنى : مَرْقُوم

المعنى الأول :

      معنى مرقوم أي صفحاته مرقَّمة ، فإذا ختم أحدٌ دفاتره فلا يستطيع أي شخصٍ أن يشق صفحة منها ، ويقول لك : هذه دفعة كبيرة مسجَّلة سنتخلَّص منها ، فالصفحات مرقَّمة ، وقد بلغت صفحات هذا الدفتر مثلاً مئةً وثلاثين صفحة ، مرقَّمةً واحدةً وَاحدةً ، فكتابك مرقوم أيْ مرقَّم من قِبَل ملائكة الله ، ولا تنتزع منه صفحة واحدة .

المعنى الثاني :

       هناك رأي ثانٍ مرقوم أيْ مع الرَقم توجد صورة ، المخالفة وصورتها ، فإذا قلت : لست أنا الذي خالفت ، فيقال لك : تفضَّل أليست هذه صورت سيارتك ، وهذا رقمها ؟ المخالفة مع صورتها ، فإذا كان الحال كذلك فكيف يخالف الإنسان ربه ؟

 

﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾

 

      أطلعني أحَدُهم على كمبيوتر فيه صفحة بحجم الكف ، فيها ثلاثمئة وخمسين ألف معلومة ، إذا كانت صفحة واحدة فيها هذه المعلومات ، فمن الممكن أن تكون كل أعمال الإنسان مسجَّلة ، ويوم القيامة تُعْرَضُ عليه عَملاً عملاً ، لماذا فعلت كذا ؟ لماذا غششت أخاك ؟ لماذا كذبت عليه ؟ لماذا أوقعت بين هؤلاء ؟ لماذا جمعت هذا المال على أنقاض الآخرين ؟ هذا كله فيه حساب .

 

﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً﴾

المشركون جَهلةٌ في اعتقادهم وسلوكهم

      السلطان هنا يعني الشرع ، الله عزَّ وجل ما أنزل كتاب يأمرنا فيه أن نعبد من دون الله هذه الأصنام ..

 

﴿ وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾

    أيْ بلا دليل نقلي ، وبلا دليل عقلي ، ليس هناك دليل نقلي من كتاب سماوي يأمرنا أن نعبد هذه الأصنام ، وليس هناك منطق أو حجَّة ، فهذا الصنم حَجَر ، هذا الصنم من تمر .. أكلت ودٌّ ربَّها .. جاعت ذات مرة قبيلة فأكلت ربَّها ، شاعر مرَّة رأى صنماً يبول عليه الثُعلبان فقال :

أربٌ يبول الثعلبان برأسه لقد    ذلَّ من بالت عليـه الثعالبُ

*  *  *

       ما هذا الصنم الإله ؟ فليس من دليل نقلي ، ولا من كتاب سماوي منزَّل يأمرنا أن نعبد هذه الأصنام ، ولا أي دليل عقلي منطقي يسمح لنا أن نعبدهم ، فربنا عزَّ وجل قال :

 

﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾

أصناماً ، أحجاراً ، وأحياناً أشخاصاً ..

 

﴿ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾

يوم القيامة ..

 

﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ﴾

حالة المشرك إذا تُتلى عليه آيات الله

     المنكر هنا الإنكار ، أي أنك إذا تلوت آيات الله البيِّنة على أهل الدنيا المكذِّبين الفاجرين ..

 

﴿ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ﴾

1 – الإنكار والانقباض والانزعاج

    أيْ أنهم ينقبضون ، تنقبض أسارير وجوههم ، ينزعجون لأن الحق يقيّد شهواتهم ، الحق يحدُّ من انطلاقهم ، الحق يأمرُهم أن يستقيموا على أمر الله ، هم يفعلون ما يشاؤون ، لذلك إذا كان الإنسان متفلِّتاً من الحق وسمع الحق يتألَّم ، ويضيق به ذَرْعَاً ..

 

 

﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ﴾

    أيْ الإنكار ، هذا مصدر ميمّي ، أَنْكَرَ يُنْكِرُ إنكاراً ومُنْكَرَاً ..

 

﴿ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا﴾

2 - اعتداءهم على من يتلو عليهم الآيات

    أيْ أَنَّ شدَّة حمقهم وغيظهم وحقدهم تدفعهم إلى أن يهجموا على من يتلو عليهم هذه الآيات ، وهذا هو الضعيف حينما يفقد الحجَّة ، وحينما يفقد البَيِّنة ، وحينما يُسْقَطُ في يده يهجم على خصمه ، الذي يهجم على خصمه بالضرب واللَّكم هو ضعيف الحجَّة ، حينما يفقد الإنسان حجَّته يستخدم يده..

 

﴿ يَكَادُونَ يَسْطُونَ﴾

أيْ يهجمون ..

  

 

 ﴿ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ   ﴾

أعظم جزاء الكفار النار

     فإذا كان هذا القرآنُ قد أورث فيكم الأحقاد والآلام فإن هناك ما هو أشرٌ من هذه الآلام ألا وهي النار ، فهو متألِّم جداً ، كيف أن هذا الابن سار على طريق الحق ؟ كيف أن أخاه بدأ يغضُّ بصره ، ويحرِّر دخله ؟ فهو يعد أخاه منحرفاً ، يعد أخاه متزمِّتاً ، يعد أخاه انجذب ، يحقد عليه ، كل هذا الحقد لأن أخاك استقام على أمر الله ؟! لأن أخاك عرف الله عزَّ وجل ؟! إن هناك أشرُّ من هذا الألم ، وهي النار ، عقابٌ لمن يصدُّ عن سبيل الله ..

 

 

 

﴿ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ﴾

الذبابة آية من آيات الله الخارقة

     دقِّق في هذه الذبابة ، فربنا عزَّ وجل قال :

﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِنْ تَفَاوُتٍ ﴾

( سورة الملك : من آية " 3 " )

     أيْ أَنَّ دقَّة خلق الذبابة وكمال خلقها ككمال خلق الفيل ، وككمال خلق المَجَرَّات ، ليس عند الله صنعةٌ متقنةٌ وصنعةٌ أقلّ إتقاناً ، كله متقنٌ ، من البعوضة ، البعوضة لها جناحان يرفَّان أربعة آلاف رفَّة في الثانية ، البعوضة لها ثلاثة قلوب ، لها جهاز رادار ، ولها جهاز تحليل دم ، ولها جهاز تخدير ، ولها جهاز تمييع ، ولها محاجم تقف على السطح الخشن ، ولها مخالب تقف على السطح الأملس الصقيل ، ويرفُّ جناحاها أربعة آلاف رفَّة في الثانية ، ومع ذلك قال :

﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾

( سورة البقرة : من آية " 26 " )

       فخلقُ الفيل ، وخلق الجمل ، وخلق الحوت ، وخلق المجرَّات ليس أعظم من خلق البعوضة ولا خلق الذبابة ، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يضرب مثلاً بالذباب لكثرته ، ولضعفه ، ولقذارته ، ولهوانه كما قال بعض المفسرين ، لأربعة أسباب ؛ لكثرة الذباب ، ولمهانته عند الناس ، ولقذارته ، ولضعفه ..

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾

تحدي اللهِ أهلَ الأرض جميعا بخلق ذبابة واحدة

    أيْ أَنَّ أهل الأرض كلهم ، والقِوى المجتمعة على سطح الأرض ، القِوى العلميَّة ، الجامعات ، المخابر ، الجيوش الجرارة  ، إن كل هذه القِوى العسكريَّة والعلمية ليس بإمكانها أن تخلق ذبابةً واحدة ، ربنا اختار ذبابة تحقيراً لهؤلاء الذين يَدْعون من دون الله ..

 

﴿ وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾

 

    ليست جهة واحدة ، لو عُقِدَت مؤتمرات على مستوى القارَّات الخمس ، جميع الجامعات في العالم ، جميع المصانع في العالم ، جميع المخابر الحيويَّة في العالَم ، جميع الكُتَل من أجل أن تخلق ذبابةً واحدة لا يستطيعون ، الأغرب من ذلك :

 

 

﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً﴾

 

وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ

      لو أن الذباب وقف على جسم الإنسان ، ونقل له بعض الأمراض ، وهذا المرض سَلَبَهُ صحَّته ، فهناك فيروس للشلل ، وفيروس للحمَّى ، وفيروس لالتهاب السحايا ، لو فرضنا هذه الأمراض نقلتها ذبابة فسلبت الإنسان صحَّته ، هل بإمكان البشر لو اجتمعوا أن يسلبوا هذا الذباب ما أخذه منهم ؟ قال :

 

 

 

﴿ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

منتهى عجزِ البشر

فهذا منتهى العَجز ؛ أن الدول مجتمعةً ، والشعوب مجتمعةً ، والقوى الفكرية مجتمعةً ، والقوى الصناعيَّة مجتمعةً ، لو أنها اجتمعت ، وتعاونت ، واتفقت على خلق ذبابة ، لم يكن ذلك في الإمكان ، ولو اجتمعت على أن تشفي مريضاً أصابته ذبابة ، لا يستطيعون ..

 

﴿ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾

فهذا الذي يعبد الصنم ضعيف ، والصنم أضعف ..

 

﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾  

وَمَا قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

    ما عرفوا الله ، لو عرفوه لعبدوه ، لو عرفوه لأطاعوه ، لو عرفوه لوحَّدوا له وجهتهم ، لو عرفوه لما عبدوا غيره ، لو عرفوه لما أطاعوا مخلوقاً وعصوه .

 

﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ﴾

من الملائكة رسُلٌ ومن البشر رسُلٌ

     ربنا عزَّ وجل جعل الملائكة رسلاً للأنبياء ، وجعل الأنبياء رسلاً للبشر ، فمن الملائكة رسل كسيدنا جبريل ، ومن البشر رسل كسيدنا محمَّد، لكن الله يصطفي من الملائكة ، أيْ أَنَّ أعلى الملائكة سيدنا جبريل ، ويصطفي من الناس الأنبياء والمرسلين ، هم صفوة الصفوة ، وهم في القِمَم دائماً ..

 

 

﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾

    أيْ أنه يعلم ما يفعلون وما سيفعلون ، أو ما قدَّموا وما أخَّروا ..

 

﴿ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾

الأمور كلُّها راجعةٌ إليه ..

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾

الصلاة وما يتعلق بها من سائر العبادات

    أيْ اتصلوا بالله عزَّ وجل ، كنَّى ربنا سبحانه وتعالى عن الصلاة بالركوع والسجود ، الصلاة قيامٌ وركوعٌ وسجود ، وأقرب ما يكون الإنسان في الصلاة ، وهو راكعٌ وساجد ..

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾

أيْ اتصلوا بالله عزَّ وجل ..

 

﴿ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾

دخل في العبادة الصوم ، دخل فيها الحَج ، دخل فيها الزكاة ، دخل فيها كل عمل تبتغي به رضوان الله عزَّ وجل ، دخل فيها الذِكْر ، دخل فيها التفكُّر ..

 

﴿ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾

الأمر بعموم فعل الخيرات لنيل الفلاح

      تقرُّباً إليه ، هذا الدين كلُّه صلاة ، وعبادة ، وأعمال صالحة ..

 

 

 

﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

     لعلَّكم تفوزون ، لعلَّكم تنجحون ، لعلَّكم تحقِّقون الهدف من خَلْقِكُم ، لعلَّكم تكونون كما أراد الله لا كما أردتم أنتم ..

 

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾

الجهاد الحقيقي

      القضيَّة تحتاج إلى صدق ، والإنسان أحياناً تنازعه نفسه ، جاهدوا في أنفسكم وأهواءكم ، رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ؛ جهاد النفس والهوى ..

     

 

 

 

  ﴿ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾

     إذاً الدين في جوهره اتصال بالله وإحسانٌ إلى الخلق ..

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾

    هذا اتصال بالله ..

 

﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾

      الفلاح ، والنجاح ، والتفوُّق منوط في هذين الشيئين ، الاتصال بالخالق والإحسان إلى الخَلق ..

 

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾

     ربنا عزَّ وجل يمتحن الإنسان ، فَيجعل له عقبات ، ويجعل له خصوماً ، ويجعل له معارضات ، يصيبه ببعض الضيق ، بنقصٍ في الأموال والأنفس والثمرات ، يصيبه بخصوم ..

 

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾

    فحق الجهاد أن تكون كما يريد الله سبحانه وتعالى ، أن تستنفذ كل الفُرَص ، أن تبذل كل المجهود ..

 

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾

أي هو اختاركم لهذا الدين .. " إن هذا الدين قد ارتضيته لنفسي ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه " .

       ربنا عزَّ وجل رَشَّحك لهذه المهمَّة ، أسمعك الحق لما علم فيك من خير .

﴿ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ ﴾

( سورة الأنفال : من آية " 23 " )

       وها قد أسمعك الحق ، هو اختارك ، خصَّك بهذا الهدى ، جمعك مع أهل الحق ، فتدير ظهرك للحق ؟ تستنكف ، تتأفَّف ، تتململ ، تسأم وتقول: هذا فوق طاقتي !! لا ، بل استعن بالله ولا تعجز ، فالكلمة الدقيقة :

 

﴿ هُوَ اجْتَبَاكُمْ﴾

 

اصطفاء الله الناس للخير

هو اختاركم ، إذا ساق ربنا عزَّ وجل لك خيراً ، إذا جعل ربنا عزَّ وجل لك وظيفة في الدعوة إليه ، إذا جعلك ربنا عزَّ وجل تستمع لمجلس علم ، سمحَ لك أن تستمع ، ساقك لهذا المجلس ، دلَّك عليه ، لِما علم فيك من خير ، هو اختارك ، هو توسَّم فيك الخير ، وأنت ترفض ؟‍ فهذا موقف فيه حجود كبير جداً ..

 

 

﴿ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾

رفعُ الحرج في الدين وصورُه

      الدين يُسر ، والدين متوافق مع الفطرة ، فلا توجد شهوة أودعها الله عزَّ وجل في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة ، شهوة النساء جعلها بالزواج ، والمال جعله بالكسب المشروع ، والعلو في الأرض جعله في العلم وفي طاعة الله عزَّ وجل ، فأي شيء أودعه الله في الإنسان جعل له متنفَّساً نظيفاً ، وصحيحاً ، وشريفاً ، ومحموداً ، وراقياً ، ومقبولاً ، ومعترفاً به ..

 

﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾

      فالصائم المريض يفطر ، والمسافر يفطر ، وإذا أصاب الإنسان مرض يُصلي بالإيماء ، يصلي برأسه ، يصلي قاعداً ، إذا كان شخص مُضَّطراً فمن الممكن أن يأكل لحم خنزير في حالات يخشى فيها الموت ..

﴿ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾

( سورة الأنعام : من آية " 119 " )

       فكل ضرورة لها في الإسلام متنفَّس ، لها مخرج ..

 

﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾

        أَََََحَد أصحاب رسول الله هُدِّد بالقتل إلى أن ينطق بكلمة الكُفر ، فنطقها ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : ((لا ضير عليك ، وإن عادوا فعد ، إلا من أُكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان)) .

( ورد في الأثر )

    فالإسلام متوافق مع الفطرة ، متوافق مع طبيعة الإنسان ، متوافق مع نواميس الخَلْق ..

 

 

﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾

هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ

﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ

( سورة البقرة )

       هذه التسمية تسمية أبينا إبراهيم عليه السلام ..

 

﴿ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾

الأمة الإسلامية أمة وسط شهيدة على الناس

    وكأن الله عزَّ وجل جعل هذه الأمَّة أمَّةً وسطاً بينه وبين خلقه ، فالنبي يشهد الحق لنا ونحن ينبغي أن نشهد الحق للناس ..

 

﴿ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾

الأمر بالصلاة والزكاة والاعتصام بحبل الله

لأنفسكم وللناس ..

 

﴿ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ﴾

أيْ بالطاعة ..

 

﴿ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾

وَلاية الله للمؤمنين

   يقول الله عزَّ وجل :

﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾

( سورة البقرة : من آية " 257 " )

       إذا كان الله وليَّكم فلا ضَيْرَ عليكم ، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ .." ابن آدم اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فِتُّك فاتك كل شيء وأنا أحبُّ إليك من كل شيء " .

 

والحمد لله رب العالمين

 


 

 

 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب