مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج أنت تسأل والمفتي يجيب 2: انت تسأل - 287- الشيخ ابراهيم عوض الله - 28 - 03 - 2024           برنامج مع الغروب 2024: مع الغروب - 19 - رمضان - 1445هـ           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم-غزة-فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله-د. زيد إبراهيم الكيلاني           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - منزلة الشهداء - السيد عبد البارئ           برنامج رمضان عبادة ورباط: رمضان عبادة ورباط - 19 - مقام اليقين - د. عبدالكريم علوة           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 371 - سورة النساء 135 - 140         

الشيخ/

New Page 1

     فضائل القرآن

New Page 1

نَصَائحٌ لحملة القرآن

25/04/2011 15:36:00

 

 نَصَائحٌ لحملة القرآن

 


ِسَمَاحَة المُفْتِيّ عَبْدِ العَزِيزِ آل الشيخ

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،وبعد :
فإن من نعم الله على العبد أن يجعله من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وهم أفضل عباده الذين أورثهم الله الكتاب العزيز، ووفقهم فتلوا هذا القرآن حق تلاوته، ووفقهم فعملوا بهذا القرآن ووفقهم فاستضاءوا بنور القرآن، قال جل وعلا :
﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾، فاستضاء بنور القرآن،واهتدى بهدي القرآن، وتأدب بآداب القرآن، فكان القرآن حلته وكان القرآن لباسه : ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ.
وإن الله تعالى شرف هذه الأمة المحمدية، وخصها بخصائص لم تكن لأمة قبلها اختار لها سيد ولد آم ولا فخر، محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ فجعله خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد ولدم آدم، فنالت الأمة المحمدية بفضل هذا النبي الكريم فضائل عظيمة، وتبوأت مكانة عليا، قال جل وعلا : ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ واختار لها دينها فهو أكمل الأديان وأتمها؛ لأنه الدين الكامل الباقي إلى قيام الساعة.
ومعجزات الأنبياء قبلنا انتهت بموتهم،واختار الله عز وجل القرآن كتابا لهذه الأمة فهو كتاب الله الذي تكلم الله به وسمعه جبريل من رب العالمين وبلغه جبريل سيد الأولين والآخرين، وبلغه محمد صلى الله عليه وسلم أمته وتوارثه المسلمون خلفا عن سلف محفوظا بحفظ الله، لا يمكن أن تتطرق إليه أيدي العابثين زيادة أو نقصانا، أو تبديلا أو تغييرا، رغم العداوة المتمكنة من القلوب، والحقد على هذا الدين وأهله، ولكن الله حفظه كما حفظ إنزاله، فوجبت السماء بالشهب حتى لا يسترق الشياطين الوحي، ثم حفظ في صدور الرجال وفي المصاحف، وهيأ الله له حملة حملوه فحفظ بحفظ الله له فلم يستطيع أي مضلل، ولا أي مكابر أن يقدح في هذا القرآن، فيزيد أو ينقص، أو يبدل أو يغير، ومن أراد ذلك فسينفضح، وينكشف خزيه بإرادة الله ـ جل وعلا ـ .
فمعجزات الأنبياء انقرضت بانقراضهم، أما معجزة هذا النبي فمعجزة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين يقول صلى الله عليه وسلم :
(( ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ))أخرجه مسلم، هذا القرآن هو حبل الله ، من تمسك به فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، هذا الكتاب هو نظام هذه الأمة ودستورها الذي تحكمه وتتحاكم إليه، ونهج حياتها الذي يصدرون عنه، وحجة الله عليهم : ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾.
وإن هذا القرآن شرف لحملته، ورفعة لهم في الدنيا والآخرة، إن هم تلوه بإخلاص، وإن هم تقربوا إلى الله بحفظه بإخلاص، وزينوا به ألسنتهم ، وإن هم تلوه حق التلاوة، فحملهم القرآن على كل خير، وأدبهم القرآن الأدب النافع، وتربوا على مائدة القرآن تربية صالحة نافعة،تربية قوية، تربية تتصل بالروح والجسد معا، إن التربية على آداب القرآن هي التربية الناجحة، وهي النافعة المؤثرة، وهي التربية التي تقود أهلها لكل خير، وتحلق بهم في فضاء الخير، وتجعلهم على منهج قويم وصراط مستقيم.
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، يهدي لكل سبيل قيم، ولكل طريق مستقيم، ولكل أدب حسن، ولكل فضيلة، ولكل خلق كريم، إنه كتاب الله، فحري بمن وفق لتلاوته ثم وفق لحفظه، أو حفظ كثيرا منه، أن يشكر الله على هذه النعمة، ويحمده على هذا الفضل، ويسأله أن يجعل ما حفظه حجة له،وأن يكون شافعا له يوم قدومه على الله، قال عز وجل : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ﴾ ، فتأمل هذه الآية : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ ،أي لن تخسر، ولن يلحقها خسارة ولا دمار، لكنها التجارة الرابحة، والتجارة الباقية،والتجارة المثمرة، والتجارة التي سينتفع بها صاحبها أحوج ما كان إليه : ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ *جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾ فالكتاب لا يحمله ولا يستقر في قلب، إلا في قلب من آمن به حقا وأخلص لله حقا، وهم الذين اصطفاهم الله من عباده، اصطفاهم فاختارهم لأن يكونوا حملة لكتابه،اختارهم لأن يكون القرآن في صدورهم، اختارهم لأن يكونوا أهل تلاوة له يتلذذون بتلاوته، ويخشعون عند تلاوته، ويتأدبون بآدابه فينطق اللسان، ويتأثر القلب، وتزكو الجوارح ، وتستقيم الأحوال.
إن الناس حيال القرآن ثلاث طوائف:
فمنهم الظالمون لأنفسهم: وهم الذين أخلّوا بشيء من الواجبات أو اقترفوا بعض المحرمات.
ومنهم مقتصد: من فعل الواجب وترك المحرم.
ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله: أدى الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات، وتورع عما يخشى فيه من شبهة الحرام، فهؤلاء السابقون بالخيرات بإذن ربهم، وتوفيقه لهم : ﴿ذَلِكَ هُوَالْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ ،هذا جزاؤهم، وهذا مآلهم، وعاقبة أمرهم، لكنها تحتاج إلى الإخلاص لله قبل كل شيء، فإن أحد الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، من أوقفه الله بين يديه، فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ماذا عملت فيها؟ قال: قرأت فيك القرآن وتعلمت فيك العلم، قال: كذبت قرأت ليقال قارئ وتعلمت العلم ليقال عالم، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه في النار، تلك مسألة عظمى، هي الإخلاص لله في تلاوته وحفظه، وألا نجعله وسيلة للفخر، ولا للتعالي، ولا للبروز، ولكن وسيلة للإيمان، وسيلة للتقوى، وسيلة للأدب الحسن، وسيلة للخلق الكريم.
والسلف كانوا يميزون أهل القرآن بأخلاقهم العالية، وصفاتهم الطيبة، وسمتهم الحسن، يقول ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ : ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبصيامه إذا الناس يفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، يعني بذلك أن قارئ القرآن قد تأثر بالقرآن، فرأى قيام الليل فقام، وحث على التطوع في الصيام فصام، وكان ورعا خائفا من الله، ذا ندم على نفسه، من أن تزل به القدم، فهو على حذر دائم إلى أن يلقى الله يوم لقائه.

وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه،وأسأل الله أن يصلح ولي أمرنا، ويوفقه لما يرضيه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب