سورة الأحزاب 033 - الدرس (1): تفسير الأيات (01 – 03)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ..."> سورة الأحزاب 033 - الدرس (1): تفسير الأيات (01 – 03)

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ...">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج مع الحدث: مع الحدث - 46- حلقة خاصة في يوم الاسير الفلسطيني- محمود مطر -17 - 04 - 2024           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم - بيت المقدس أرض الأنبياء - د. رائد فتحي           برنامج خطبة الجمعة: خطبة الجمعة - وجوب العمل على فك الأسرى - د. جمال خطاب           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 10 - ولئن متم أو قتلتم - الشيخ ادهم العاسمي           برنامج خواطر إيمانية: خواطر إيمانية -436- واجبنا تجاه الأسرى - الشيخ أمجد الأشقر           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 391 - سورة المائدة 008 - 010         

الشيخ/

New Page 1

     سورة الأحزاب

New Page 1

تفســير القرآن الكريم ـ ســورة الأحزاب - (الآيات: 01 - 03)

13/05/2012 17:51:00

سورة الأحزاب (033)
الدرس (1)
تفسير الآيات: (1 ـ 3)
 
لفضيلة الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
 
أهمية سورة الأجزاب اجتماعياً :
 
أيها الأخوة المؤمنون ، مع الدرس الأول من سورة الأحزاب ، ولهذه السورةِ أهميَّةٌ خاصَّة في التنظيم الاجتماعي ، يقول الله سبحانه وتعالى في مطلع هذه السورة :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
( سورة الأحزاب )
 
خصوصية نداء الله للنبي بلفظ الرسالة والنبوة دون سائر الأنبياء :
 
الشيء الذي يَلْفِتُ النظر هو أن الله سبحانه وتعالى خاطب معظم الأنبياء بأسمائهم ، فقال :
﴿  يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ  ﴾ .
( سورة البقرة : من الآية 35 )
وقال :
﴿  يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ  ﴾ .
( سورة آل عمران : من الآية 55 )
وقال:
﴿  يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ  ﴾ .
(سورة هود : من آية 46 )
وقال :
﴿  يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى  ﴾ .
( سورة مريم : من الآية 7 )
فمعظم الأنبياء خوطِبوا بأسمائهم ، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام تكريماً له ، وبياناً لعظيم شأنه عند الله ، النبي وحده لم يُخاطَب باسم ذاته ؛ بل خوطِبَ بوصفه الذي بيَّنه القرآن الكريم ، فالله سبحانه وتعالى يقول :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
﴿  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ  ﴾ .
( سورة المائدة : من الآية 67 )
ففي الخطاب ليس هناك إلا خطابٌ بألقاب النبي ، وبالتعبير الدقيق بأسماء صفاته ، الإنسان له اسم ذات ، وله اسم صفة ، فقد يكون اسم الإنسان سعيداً ، وقد تكون صفته طبيباً ، مثلاً ، فإذا قلنا : يا سعيدُ ، خاطبناه باسم ذاته ، أما إذا قلنا : يا أيها الطبيب ، خاطبناه باسم صفته ، فالنبي عليه الصلاة والسلام ـ وهذا شيء دقيق ـ في القرآن الكريم كلِّه لم يُخَاطَب إلا بأسماء صفاته ، ومن أبرز أسماء صفاته أنه نبيّ ، وأنه رسول .
﴿  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ  ﴾ .
( سورة التحريم : من الآية 1 )
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
﴿  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ  ﴾ .
(سورة المائدة : من الآية 67 )
 
ورود اسم النبي في معرض الإخبار عنه :
 
وقد يقول قائل : لقد ورد اسم النبي ، اسم ذاته في بعض آيات القرآن الكريم ، والحقيقة أن الكلام خبر أو إنشاء، فالخطاب هو إنشاء ؛ الأمر ، النهي ، التمني ، التَرَجِّي ، الاستفهام ، الحَضْ ، كل هذه الصيغ يجمعها محورٌ واحد وهو الإنشاء ، والخبر هو الحديث عن شيءٍ مضى ، فالكلام في علم البلاغة يُقسَّم إلى قسمين ، خبر وإنشاء ، فالنبي عليه الصلاة والسلام ورد اسم ذاته في معرض الخبر ، ولم يرد في معرض الإنشاء أي الخطاب ، فقال الله عزَّ وجل :
﴿  مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ  ﴾ .
( سورة الفتح : من الآية 29)
أي أن ربنا سبحانه وتعالى أراد أن يعرِّفنا أن هذا الرجل الذي أمامكم ، الذي ترونه رأي العين ، الذي نشأ بين ظَهْرَانِيكُم ، هذا الرجل الذي اسمه محمَّد هو رسول الله ، لا تخاطبوه باسمه ، ولكن قولوا له : يا رسول الله ، يا نبيَّ الله ، إذاً : قد ورد اسم النبي لا في معرض الخطاب ، أي معرض الإنشاء ؛ ولكن في معرض الإخبار ، والإخبار هدفه أن يعرِّفنا ربُّنا سبحانه وتعالى أن هذا الرجل الذي تعرفون نسبه ، وأمانته ، وصدقه ، وعفافه ، والذي نشأ بين ظهرانيكم أنه رسول ..
﴿  مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ  ﴾ .
( سورة الفتح : من الآية 29 )
 
﴿  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144) ﴾ .
( سورة آل عمران )
لم يَرِد اسم رسول الله اسم ذاته ( محمد ) إلاّ في هاتين الآيتين حصراً ، وفيهما أخبر الله سبحانه وتعالى أن هذا الرجل ـ كما قلت قبل قليل ـ الذي تعرفون صدقه ، وأمانته ، وعفافه ، ونسبه ، إنما هو رسول الله ، تأدَّبوا معه ، اعرفوا قدره ، لا ترفعوا أصواتكم فوق صوته ..
﴿  وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ  ﴾ .
(سورة الحجرات: من الآية 2)
هكذا ، وفيما سوى هذين الموضوعين ، حتى في الإخبار ، ورد اسم النبي باسم صفاته .
مثلاً :
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(56) ﴾ .
( سورة الأحزاب )
﴿  وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ  ﴾ .
( سورة المؤمنين : من الآية 62 )
 
لفظ النبوة والرسالة إشعار بالتعظيم وعلوُّ الشأن :
 
آياتٌ كثيرة تزيد على عشر آيات ورد فيها ذكر النبي عليه الصلاة والسلام بأسماء صفاته لا بأسماء ذاته ، هذا الموضوع كلُّه مُفَادُهُ أن النبي عليه الصلاةوالسلام له شأنه الخاص عند الله ، وكفاه فخراً أن الله سبحانه وتعالى خالق السماوات والأرض أقسم بعمره الثمين ، فقال :
﴿  لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ(72) ﴾ .
( سورة الحجر )
وقد زكَّى الله عقله فقال :
﴿  مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى(2) ﴾ .
( سورة النجم )
وزكَّى لسانه فقال :
﴿  وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى(3) ﴾ .
( سورة النجم )
وزكّى شرعه فقال :
﴿  إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى  ﴾ .
( سورة النجم )
زكَّى بصره فقال  :
﴿  مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى(17) ﴾ .
( سورة النجم )
 
وزكَّاه كلَّه فقال :
﴿  وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) ﴾ .
( سورة النجم )
وأقسم بعمره الثمين فقال :
﴿  لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ(72) ﴾ .
( سورة الحجر )
 
قيمة البحث في خصوصية خطاب الله للنبي بلفظ الرسالة والنبوة :
    
1 ـ فقدان المثل الأعلى في المجتمع المعاصر :
وبعدُ ؛ فقد يسأل سائل : ما قيمة هذا البحث ؟ كلُّكم يرى أن المجتمعات الإسلاميَّة مجتمعاتٌ فيها بعض الضَياع ، لماذا ؟
يعزو بعض العلماء إلى أن ضياع المجتمع بسبب أن المثل الأعلى فيها قد فُقِد ، وإنّ ألفَ خطبةٍ ، وألف مقالةٍ ، وألف كتابٍ لا يحدث في النفس ما يحدثه المثل الأعلى في نفوس الناس ، لأن الأنبياء فعلوا شيئاً لا يصدَّق ، لأنهم صادقون مع ذواتهم صدقاً لا حدود له ، لأن حياتهم ليس فيها ازدواجٌ أبداً ، ليس عندهم ظاهرٌ وباطن ، ليس عندهم موقفٌ معلَن وموقفٌ حقيقي ، ليس عندهم شيءٍ للاستهلاك ، ليس عندهم حقيقة تخالف غير الحقيقة ، إنهم كانوا صادقين ، اعتقدوا ما قالوا ، وقالوا ما اعتقدوا ، فعلوا ما علموا ، وعلموا ما فعلوا ، فلذلك إذا أردت أن يفتح الله عليك في تعريف الناس بالله عزَّ وجل فكن قدوةً ومثلاً أعلى ، لأن القدوة والمثل الأعلى من حيث التأثير تفوق في تأثيرها وقوة فاعليَّتها أضعافاً مضاعفةً من الكلمات البَرَّاقة والخُطَب الرنانة ..
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ (1) ﴾ .
 
2 ـ بيان عظمة شأن النبي :
أراد الله سبحانه وتعالى أن يبيِّن لنا عِظَمَ شأن النبي ، والذي يَلفت النظر أيضاً أن الله سبحانه وتعالى يقول في آياتٍ أخرى :
﴿  أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ(69) ﴾ .
( سورة المؤمنون )
أي أما عرفت قيمة النبي ؟ أما عرفت خُلُقَ النبي ؟ أما عرفت سنَّة النبي ، أما عرفت أخلاق النبي ؟ إن عرفت أخلاق النبي كان لك نِبْرَاسَاً ، وكان لك مشعلاً وضَّاءً ، وكان لك قدوةً ، وكان لك أسوةً ، وكان لك مثلاً .
 
﴿  قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ  ﴾ .
(سورة آل عمران : من الآية 31 )
هذا معنى :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ (1) ﴾ .
 
إعراب : يا أيها :
 
وإعراب يا أيُّها : يا أداة نداء ، وأي منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نَصب ، والهاء زائدة ، والنبي بدل من أيٌّها ، هذه صياغة مألوفة في اللغة العربيَّة ..
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ (1) ﴾ .
 
﴿  يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27) ﴾ .
( سورة الفجر )
﴿ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
المفهوم الصحيح لهذا المر الإلهي للنبي : اتَّقِ الله
 
المعنى الأول :
أولاً : قد يَفْهَمُ إنسانٌ هذه الآية فهماً غير صحيح ، فما كل من يقول لآخر : اتقِ الله ، يُفْهَم من هذا الكلام أن المخاطب لا يتقي الله ، هناك قاعدةٌ أصوليَّة تقول : إنك إذا أمرت من هو مقيمٌ على هذا الأمر فليس معنى أمرك أنه لا يأتمر بهذا الأمر ؛ ولكن معنى أمرك أن تابع هذا الأمر .
فإذا قلت لابنك : اجتهد ، وهو مجتهد ، معنى اجتهد حصراً ، أي استمرَّ على اجتهادك ، إذا جاء الأمرُ لمن يطبِّق الأمرَ فالمعنى الاستمرار والدوام ، فإذا قال الله عزَّ وجل للنبي عليه الصلاة والسلام :
﴿ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
معنى ذلك : يا أيها النبي تابع طريق التقوى ، استمر على تقواك ، كن متقياً دائماً ، هذا معنى  .
المعنى الثاني :
أن الله سبحانه وتعالى قد يَتَلَطَّفُ بالمؤمنين ، فيأمرهم من خلال النبي عليه الصلاة والسلام .
﴿  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ  ﴾ .
( سورة الطلاق : من الآية 1 )
مع أنّ النبي عليه الصلاة والسلام لم يطلِّق .
﴿  إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ  ﴾ .
( سورة الطلاق : من الآية 1 )
فإما أن يكون الأمر للنبي عليه الصلاة والسلام على صيغة الاستمرار والمتابعة ؛ وإما أن يكون أمراً للمؤمنين من خلال أمر النبي عليه الصلاة والسلام ، هذا معنى أن يخاطب الله نبيَّه فيقول :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
معنى التفوق لغى واصطلاحاًَ :
 
1 – المعنى اللغوي :
ولكن ماذا تعني كلمة اتقِ الله ؟ اتقِ فعل أمر ، الماضي وقى ، يَقي ، قِ ، إذاً : وقى مضارعه يقي ، وأمره قِ ، حرف القاف فقط فعل أمر ، لكن اتقِ ماضيه اتَّق ، ومضارعه يتَّقي ، والأمر اتَّقِ ، فاتقى على وزن افتعل ، وافتعل فيها معنى المبالغة .
2 – المعنى الاصطلاحي :
أي بالغ في وقاية نفسك من غضب الله ، بالغ في وقاية نفسك من سخط الله ، بالغ في وقاية نفسك من عقاب الله ، اتقِ الله ، اتقِ غضبه بإرضائه ، اتقِ عقابه بطاعته ، اتقِ سخطه باتباع رضوانه ، وكيف يُتَبَع رضوان الله ؟ في طاعته ، فكلمة اتَّقِ الله تعني أطع الله ، بشكل مختصر .
 
مستويات التفوق :
 
ولكن هذه الطاعة لها مستويات :
 
المستوى الأول :
من مستويات هذه التقوى أن تطلع على أمرٍ من أوامر الله ..
﴿  قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30) ﴾ .
(سورة النور )
﴿  وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ .
( سورة البقرة : من الآية 83 )
﴿  ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(34) ﴾ .
( سورة فصلت)
إذاً : طاعة الله بامتثال أمره ، واجتناب نهيه ، والوقوف عند حدوده ، والحكمة ؛ أن تفعل الشيء المناسب ، في الوقت المناسب ، في القدر المناسب ، في المكان المناسب ، مع الشخص المناسب ، فأن تأتمر بأمره ، وأن تنتهي عن نهيه ، وأن تقف عند حدوده ، وأن تكون حكيماً في فعلك الذي يوافق الشرع ، فهذا معنى :
 
﴿ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
المستوى الثاني :
ولكن هناك مستوى آخر للتقوى ، فأنت إذا وقفت أمام مجموعة قارورات فيها مواد كيماويَّة ، كُتِبَ على لاصقة كل قارورة اسم المادَّة التي تحتويها القارورة ، فأنت عرفت أن هذا صوديوم ، وهذا في الماء يغلي ، وأن هذا زئبق ، وهو معدن غالٍ جداً ، وأن هذا المعدن سام ، وأن هذا المعدن رخيص ، أنت عرفت خواصَّ المواد من خلال اللاصقات ، هذه درجة ، لكن لو جئنا بإنسان خبير أعطيناه هذه القوارير بما فيها من مواد فمن دون لاصقات يعرفها ، ويقول : هذا زئبق ، وهذا صوديوم ، وهذا كلور ، يشمُّ رائحته ، فلذلك إما أن تعرف الشيء بالتعريف به ؛ وإما أن تعرف الشيء بنور الله عزَّ وجل  .
فالتقوى درجات أوَّلها أن تقرأ أمر الله ، وتقول : هذا حلال وهذا حرام ، هذه درجة ، وأرقى من هذه الدرجة أن تتصل بالله عزَّ وجل ، فيقذف الله في قلبك نوراً ـ كما قال الإمام الغزالي ـ بهذا النور ترى الحقَّ حقَّاً والباطل باطلاً ، ترى الخير خيراً والشر شراً ، ترى الصحيح صحيحاً والخطأ خطأً ، لذلك :
﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ  ﴾ .
( سورة الحديد : من الآية 28 )
فإذاً : ]اتَّقِ اللهَ] ،من بعض معانيها أطع الله ، هذا أمر فامتثِله ، وهذا نهي فابتعد عنه ، وهذا حدٌ من حدود الله فلا تقربه ، هذا معنى ]اتَّقِ اللهَ [ .
 
المعنى العام للتقوى : اتق الله وأطعه في كل شيء :
 
وهناك معنىً آخر : أي انظر بنور الله ، لو فرضنا خطبت فتاتين ، الأولى من أعلى مستوى من المستويات التي تطمح إليها ، ولكن في دينها رقَّة ، دينها رقيق ، والثانية مستواها أقلّ ، ولكن في دينها قوَّة ، فإذا نظرت إلى الفتاتين بنور الله تختار صاحبة الدين ..
(( من تزوَّج المرأة لجمالها أذلَّه الله ، من تزوَّجها لمالها أفقره الله ، من تزوَّجها لنسبها زاده الله دناءةً فعليك بذات الدين تربت يداك )) .
[ ورد في الأثر ]
(( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك )) .
[ صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]
فإذا أردت الزواج ، ونظرت بنور الله عزَّ وجل تختار الدَيِّنة ، ذات الدين على ذات الجمال ، وإذا عُرِضَت عليك شراكة ، أرباحٌ طائلة ، وأعمالٌ كثيرة ، وسوقٌ رائجة ، ومركزٌ تجاريٌّ رفيع ، لكن هذه البضاعة محرَّمة بل فيها شبهة ، وإنَّ بعض دخلها حرامٌ ، وهناك عمل آخر أقلّ مردوداً ، أقلّ شأناً ، أقلّ فائدة لكنَّه حلالٌ مئة في المئة ، فإذا نظرت إلى هذين العملين بنور الله تختار الأقلَّ دخلاً ، والأقلَّ شأناً ، لأنه أكثر صلاحاً وانطباقاً للشرع ، فاتقِ الله .
إذا دخلت إلى بيتين ، بيتٍ فخمٍ جداً ، وبيتٍ متواضعٍ جداً ، وعلِمت أن صاحب البيت الأول قد جمع هذا المال من طرقٍ لا ترضي الله عزَّ وجل ، فنظرتك إليه نظرة المرتاب ، إنسان توفي ، وترك أولاداً خمسة ، أحد أكبر الأخوة اغتصب مال الأبِ كلَّه ، واشترى هذا البيت وأثّثه ، وزيَّنه ، ثم دخلت إلى بيت رجلٍ آخر متواضعٍ جداً ، وعرفت أن صاحبه مستقيم ، وأن هذا البيت اشتراه بمالٍ حلال ، فإذا نظرت بنور الله تقدِّر الثاني ، وإذا نظرت بعين الدنيا تقدِّر الأول .
فمعنى : ]اتَّقِ اللهَ [ : أي دائماً انظر بنور الله في ؛ كسب المال ، في إنفاق المال ، في اختيار الزوجة ، في اختيار العمل ، في اختيار الأصدقاء ، قد يكون لك صديق ذو شأن ، وله مكانة ، ويده تطول ، وتعلِّق آمالاً كبيرةً على صداقته ، وتعلِّق آمالاً في الانتفاع منه ؛ ولك صديقٌ آخر أكثر علماً وتقىً ، وصلاحاً ، فإذا نظرت بعين المصلحة إلى هذين الصديقين تختار الأول لغناه ، ولعِظَم شأنه ولقوَّته ، وإذا نظرت بنور الله تختار الثاني ، لأنك تستفيد من علمه ، ومن أخلاقه ، ومن تقواه ، فدائماً ربُّنا سبحانه وتعالى جعل الحياة الدنيا على شكلٍ عجيب ، الشيء الذي يَبْرُقُ أمام الناس قد لا يرضي الله ، والشيء الذي ليس له بريق قد يكون الخير كلُّه كامناً فيه ، فإذا قرأت قوله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
المعنى الأول : أي أطع الله ، أطعه ؛ هذا أمر طبِّقه ، هذا نهي اجتنبه ، هذا حَد لا تقربه ، هذا معنى .
المعنى الثاني :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
أي انظر بنور الله ، قَيِّم الأشخاص ، قيِّم الدخول ، قيِّم الأعمال ، لو فرضنا أن عملاً يُدِرِّ على صاحبه مئات مئات الألوف ، والبضاعة محرَّمة ، فإذا نظرت إلى هذا العمل بعين المصلحة ربَّما أقبلت على هذا العمل ، أما إذا نظرت إلى هذا العمل بنور الله أحجمت عنه .
إذاً المعنى في هذه الآية :
﴿ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
المعنى الأول : أطع الله ، هذا أمرٌ ، وهذا نهيٌ ، وهذا حدٌ .
والمعنى الثاني :
﴿ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
أيْ انظر بنور الله ، أي في اختيار شريكة حياتك ، في اختيار عملك ، في اختيار جيرانك ، فقد تشتري بيتاً بثمن رخيص ، وبمواصفات جيِّدة ، ولكن له جيران بعيدون عن الله عزَّ وجل ، بل إن في أخلاقهم خللاً ، فأنت لك بنات ولك أولاد ، وربَّما سرت العدوى إلى بيتك ، إذاً : اتقِ الله ، ولو أنه بيتٌ كبير ، وله مناظر مشرفة ؛ لكن الجوار لا يرضي الله عزَّ وجل ، ابحث عن جيران أفاضل أكارم يتَّقون الله عزَّ وجل ، فالمؤمن مأمور أن يتَّقي الله ، أن يطيعه أولاً ، وأن ينظر بنوره ثانياً في كل مناحي حياته .
دخلت إلى البيت مثلاً ، فرأيت شيئاً لا يروق لك من زوجتك ، فاتقِ الله ، فهذه الزوجة يمكن أن تصلحها ؛ بحلمٍ ، برقَّةٍ ، بكلمةٍ ، بموعظةٍ ، بإعراضٍ ، بتأديبٍ ، أما إذا أخذتك الحَمِيَّة ، وطلَّقتها بالثلاث ، ونقعت غُلَّتَكَ بهذا الطلاق ، بعدئذٍ تعالَ إلى العلماء تسألهم واحداً وَاحداً عن طريقةٍ تفدي بها يمين الطلاق ، فأنت يا أخي اتقِ الله في الأول .
دائماً هناك سؤال كبير : أين عقلك ؟ أوضح مثل : لو أنه مكان معك جهاز إليكتروني تكشف به العملة المزيَّفة ، وقبضت مبلغاً من المال كبيراً ثمن بيتك ، ولا تملكإلا هذا البيت ، والآن صار عُمْلَة ، فإذا بهذه العملة كلُّها مزيَّفة ، والجهاز في جيبك ، وأنت لم تستخدم هذا الجهاز حين القبض ، فماذا يقال لك ؟ يقال لك : أين عقلك ؟ معك جهازٌ يكشف زيف العملة من جَيِّدها ، لِمَ لمْ تستخدم الجهاز ؟ والإنسان أكرمه الله عزَّ وجل بهذا العقل ..
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
بالمناسبة ، سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام قال الله عنه  :
﴿  إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81)وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) ﴾ .
( سورة الشعراء )
هذه كلماتٌ دقيقةٌ جداً ، أيْ أن الله سبحانه وتعالى وحده يخلُق ويهدي ، ويرزق ويشفي ، ويُحيي ويميت ، ويغفر ، الله سبحانه وتعالى وحده متفرِّدٌ بالخَلْقِ ، وبالهداية ، وبالرزق ، وبالشفاء ، وبالإحياء ، وبالإماتة ، وبالمغفرة يوم القيامة ، فما دام الله مُتَفَرِّداً في كل هذا فهل هناك أشياء أخطر من هذه الأشياء في حياتك ؟ أن تُخْلَق ، وأن تُهدى ، وأن تُرزَق ، وأن تُشْفَى ، وأن يحيا الإنسان ، وأن يموت ، وأن تُغْفَر له ذنوبه ، ما دام الله متفرِّداً بهذه الأفعال الخطيرة في حياتك فمن باب أولى أن تفرده بالطاعة ، والعبادة ، والحب ، والإخلاص ، وما إلى ذلك ..
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (1) ﴾ .
 
التقوى والطاعة أمران متلازمان :
 
هذان أمران متكاملان ، أي أطع الله ، ولا تطع الكافرين والمنافقين .
               
سبب نزول الآية :
 جاء في أسباب النزول أن كفَّار قريش عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلَّم أن يكفَّ عن آلهتهم ، وأن يعتقد أنهم يعبدونها من دون الله لتقرِّبهم إلى الله ، وهم في المُقابل يكفّون عن محاربة دعوته ، وعن إيذائه ، وعن أي شيءٍ آخر ، أي أنها مصالح متبادلة ، افعل كذا نفعل كذا ، تسامح معنا في هذه الموضوعات نَدعْك وشأنك في هذه الدعوة ، فهؤلاء الكفَّار هذا عرضهم ، والمنافقون أيّدوهم ، فقال الله عزَّ وجل :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) ﴾ .
 
النقطة الدقيقة هي : أن الله سبحانه وتعالى وحده ينبغي أن تطيعه ، وأن ما سواه ، أعرض عنه :
﴿  وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا(28) ﴾ .
( سورة الكهف  )
 
الإنسان بين منهج الخالق وتعليمات المخلوق :
 
أنت أمام منهجين ؛ منهج الخالق وتعليمات المَخلوق ، منهج الله ومنهج البشر ، توصيةٌ من الله أن تفعل كذا ، وتوصيةٌ من زيدٍ أو عُبيد أن تفعل كذا ، فما في تناسب ، ليس هناك تناسب بين خالقٍ ومخلوق ، بين قديمٍ ومُحْدَث ، بين قويٍ وضعيف ، بين غنيٍ وفقير ، بين عالمٍ وجاهل ، بين مُحِبٍ ومبغض ، فالشيء العجيب أن يدع الإنسان هدى ربِّه ، وأن يتَّبع هوى نفسه ، أو أن يتَّبع توجيهات مجتمعه .
 
إسقاطات على الحياة اليومية :
 
المثال الأول :
بعض الأمثلة التي تنبع من حياتنا : الله عزَّ وجل يأمرك أن تغضَّ البصر ، ويأمرك ألا تكون في مكانٍ فيه اختلاط ، وفيه نساءٌ كاسياتٌ عاريات ، وبعض الأشخاص يستحيون من الناس في أعراسهم ، ويجلسون أمام النساء الكاسيات العاريات وهم مسلمون ، ماذا فعل ؟ إنه رأى أن طاعة الناس أولى من طاعة الله .
بالمناسبة ، هذه الكلمات التي يرددها المسلمون : الله أكبر مثلاً ، لا إله إلا الله ، سبحان الله ، الحمد لله ، فهذه الكلمات لو وقفنا عند معانيها الدقيقة لأخذنا العَجَب العجاب ، فالله أكبر ، فأي إنسانٍ يطيع مخلوقاً ، ويعصي خالقاً فهذا لم يقل : الله أكبر حقيقة ، ولا مرَّة ، ولو قالها ألف مرة ، فهي مجرد مقولة لسان .
المثال الثاني :
 
حينما تطيع زوجتك وتعصي ربَّك ، ماذا رأيت ؟ رأيت أن طاعة الزوجة خيرٌ من طاعة الله ، وأن غضب الزوجة شرٌ من غضب الله ، هكذا ، لمجرَّد أن تطيع مخلوقاً وتعصي خالقاً معنى هذا أنك أشركت ، لذلك :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1) ﴾ .
 
أيْ أطع الله أولاً ، والمعنى الأرقى : انظر بنور الله .
 
﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ (1) ﴾ .
 
إيّاكم وطاعة الغافلين !!!
 
إيَّاك أن تطيع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ، إنسان أعمى يُطاع ؟ إنسان جاهل يُطاع ؟ لا والله ، إنسان له مصلحة ماديَّة يُطاع ؟ لا والله ، إنسان مُبغض يطاع ؟ لا والله ، فالكافر والمنافق أولاً في جهل ، وفي مصالح ، وفي بُغض ، وفي حِقد ، وفي حسد ، ودائماً المقصِّر يحبُّ أن يقصِّر الناس جميعاً .
الآن اسأل طالباً أهمل وظيفته يقل لك : لم نكتب الوظيفة يا أستاذ ، أنت واحد ، فلِمَ تقول : لم نكتب ، بصيغة الجمع ، إنه يستأنس كلَّما كثُرَ المقصِّرون ، دائماً العاصي يحب أن يعصي الناس كلهم ، اسأل شخصاً مقيماً على معصية تجد أنه ينصحك فيها : أخي ما فيها شيء ، لا تتزمَّت ، لأنه خرق حجب الاستقامة من هذه الناحية ، دائماً العاصي ينصحك بالمعصية ، المقصِّر ينصحك بالتقصير ، الذي يطلق بصره في الحرام ينصحك بأن هذا الشيء فوق طاقة البشر يا أخي ، أين أذهب بعيوني ؟ فالمؤمن الصادق لا يمكن أن يستنصح كافراً ، ولا منافقاً ، ولا مقصِّراً ، ولا متلبِساً بمعصية ، لأن الجواب معروف ، فهو سوف ينصحك بما هو فيه ، فأنت أمام توجيهين ، أمام منهجين ، أمام قانونين ، أمام دستورين ، أمام توصيتين ، توصية الخالق وتوصية المخلوق ، والخالق أولى .
هل من الممكن إذا كنت جندياً بثكنة عسكرية ، وجاء لك أمر من عريف ، وأمر مناقض ممن هو أعلى رتبة ، هل من المعقول أن تنصاعلأمر العريف ، وتُغضِب الأعلى رتبة ؟ يقول لك : عماد أو عميد ، هل هذا كهذا ؟ أيعصى الله عزَّ وجل ، ويطاع مخلوق ؟! هذا ما قاله الله عزَّ وجال في الحديث القدسي :
(( إني والجن والإنس في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبَد غيري ، وأرزق ويشكر غيري )) .
[ الجامع الصغير عن أبي الدرداء ]
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) ﴾ .
 
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
 
العلم والحكمة صفتان لذات الله وتشريعاته وأفعاله :
أي أنه " عليماً " في تشريعاته ، " حكيماً " في أفعاله ، العليم يُطاع ، والحكيم يُطاع ، والقدير يُطاع ، والغني يُطاع ، والمُحِب يُطاع ، والعادل يُطاع ، واللطيف يُطاع  .
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا (1) ﴾ .
 
فيما أمر ..
﴿ حَكِيمًا (1) ﴾ .
 
فيما فعل ، الله عزَّ وجل له أمر تكليفي ، وأمر تكويني ، يأمرك بغض البصر هذا أمر تكليفي ، ينهاك عن الكذب أمر تكليفي ، والأمر التكويني كأن يسوق لإنسان مصيبة ، هذا أمر تكويني ، جعله عقيماً ، جعله ذا عيالٍ كثير ، جعل نسله من البنات فقط مثلاً ، فهذا أمر تكويني .
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا (1) ﴾ .
 
في أمره التكليفي ، وكان حكيماً في أمرهالتكويني ، فأنت إذاً أطع الله ، لأنه العليم فيما أمر ، الحكيم فيما فعل ، فعله حكمة ، أي أن كل شيءٍ وقع أراده الله ، وكل شيءٍ أراده الله وقع ، وأفعاله متعلِّقةٌ بالحكمة المطلقة ، وحكمته المطلقة متعلقةٌ بالخير المطلق ، فهل من الممكن أن يتوازى أمر البشر مع أمر خالق البشر ؟
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (2) ﴾ .
 
وجوب الانقياد إلى الوحي وتعليماته :
 
أنت آلة معقَّدة ، ولها تعليماتٌ من الصانع ، فهناك آلة كمبيوتر مثلاً ، جهاز معيَّن معه تعليمات ، فهل من المعقول هذا الجهاز المعقَّد الغالي ، وثمنه ثلاثون مليونا ، كمبيوتر ، فهل تذهب إلى جارك الخضري ، وتأخذ منه تعليمات التشغيل ؟ لو أعطاك تعليمات ستكون مضحكة ، فكل إنسان له قدر عند الله ، ولكن هذا ليس اختصاصه ، فهل من الممكن أن تتلقَّى تعليمات تشغيل كمبيوتر من إنسان جاهل ؟ من إنسان لا يفقه ما هذا الجهاز ؟ وأنت أغلى على الله من هذا الجهاز ، أنت أعقد مخلوق في الكون ، هل من الممكن أن  تتلقَّى التعليمات من جهات جاهلة ؟ من جهات مغرضة ؟ من جهات لها مصلحة .
﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ (2) ﴾ .
 
الوحي كمالٌ مطلق لا نقص فيه :
 
لأن الوحي :           
﴿  مَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى(4) ﴾ .
( سورة النجم )
الوحي ما فيه خطأ أبداً ، الوحي فيه حقٌ مُطْلَق ، فيه كمالٌ مطلق ، فيه عدلٌ مطلق ، كما قال بعض العلماء : " الشريعة عدلٌ كلها ، مصلحة كلها ـ لصالح البشر ، أي أن مصلحتك الحقيقيَّة في الشرع ، في الزواج ، في الطلاق ، في العمل ـ الشريعة رحمةٌ كلها ، الشريعة عدلٌ كلها ، مصالح كلها ، وكل أمرٍ خرج من العدل إلى نقيضه ، ومن المصلحة إلى ضدِّها ، ومن الرحمة إلى خلافها ، فليس من الشريعة ولو أُدْخِل عليها بألف بابٍ وباب " .
يجب أن تعلم علم اليقين أن هذا الشرع رحمةٌ كله ، مصلحةٌ لك ، ولأسرتك ، ولأولادك ، ولمجتمعك ، ولبلدك ، ولأمَّتك كلِّها ، ورحمةٌ كلُّه ، عدل ورحمة ومصلحة ، وكل أمرٍ خرج من الرحمة إلى خلافها ، من العدل إلى نقيضه ، من المصلحة إلى ضدِّها ، فليس من الشريعة ، ولو أُدخِل عليها بألف تأويلٍ وتأويل  ، مهما حاولت أن تقول : هذا من الشرع  فهو ليس من الشرع ما دام خلاف المصلحة ، خلاف مصلحتك ، خلاف المنطق ، خلاف الواقع ، خلاف الفطرة ، خلاف العقل ، خلاف النقل ، ليس هذا من الشريعة ، ولو أُدْخِلَ عليها بألف تأويلٍِ وتأويل .
إذاً :
﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) ﴾ .
     
هذا ما تفعله قوانين البشر !!!
 
سمعت في بعض البلدان أنهم أرادوا أن يضعوا تشريعاً وضعيَّاً للعلاقات الشخصيَّة ، فألزموا كل متزوِّج إذا أراد أن يطلِّق امرأته أن يعطيها نصف ما يملك حصراً ، فإنسان عنده معمل ، إنسان عنده أرض ، عنده بناء ، إذا أراد أن يطلِّق زوجته فعليه أن يعطيها نصف ما يملك ، هذا قانونٌ وضعيٌ وضِعَ في بعض البلدان الإسلاميَّة ، تقليداً للمناهج الوضعية المطبَّقة في بلادٍ لا تؤمن بالله عزَّ وجل ، ما الذي حصل ؟
الذي حصل أن سوق الزواج بار ، فمن خلال مئة شاب لا يقدم على الزواج شابٌ واحد ، لأنه خلاف الشرع ، فسمعت أن آباء الفتيات كانوا يعرضون على أولياء الشباب سندات قانونيَّة بمبالغ طائلة ، أنه لو طلَّقها يستحقُّ هذا السَنَد ، ليتلافى الزوج كتابة نصف ماله لزوجته ، فبسبب تعديل طفيف بقانون الأحوال الشخصيَّة خلاف الشريعة بارت سوق الزواج وانتهت .
فعندما يشرِّع ربنا عزَّ وجل وهو حكيم خبير ، يجعل للمرأة مهراً عند الطلاق تستحقُّه ، أما أن تستحقَّ نصف ما يملك زوجها هكذا ، صار هناك طلاق كيدي ، فبارت سوق الزواج ، فيجب أن تعتقد أن أي انحرافٍ عن منهج اللهعزَّ وجل له مضاعفات خطيرة على أي مستوى تشاء ..
﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) ﴾ .
 
معنى الخبير :
       
كلمة خبير أبلغ من عليم ، العليم يرى أما الخبير يعرف الدوافع ، أنت قد تعلم أن هذا الإنسان أعطى فلاناً هذا المبلغ ، هذا علم ، أما الخبير فأن تعرف النيات التي وراء هذا الإعطاء ، تعرف المقاصد البعيدة ، تعرف طبيعة هذا الإنسان ، جِبِلَّتَهُ ، تعرف الصراع الذي جرى في نفسه ، تعرف لماذا أحجم ؟ لماذا أعطى ؟ فربنا عزَّ وجل يقول :
﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) ﴾ .
 
لديه خبرة ، فأنت مكشوف ، كل نوازعك ، كل صراعاتك ، كل مطامحك ، كل أهدافك ، كله مكشوفٌ عنده  .
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) ﴾ .
 
من إشارات الآية ومفهوماتها :
 
وجود المعارضين لمتَّبعي الوحي وأمثلة ذلك من واقع الناس :
هنا إشارة ، أي أنك إذا اتبعت ما يوحى إليك هناك من يعارضك ، هناك من يكيد لك ، هناك من يحاول أن يطفئ نور الله عزَّ وجل ، هناك من يفعل شيئاً لا يرضيك ، لأن معركة الحق مع الباطل معركةٌ أزليَّةٌ أبديَّة ، ما دام هناك حق هناك باطل ، وما دام هناك حق وباطل فهناك صراعٌ بينهما ، فإذا اتبعت منهج الله عزَّ وجل ربَّما عاداك أقرب الناس إليك ، يمكن أن تكون زوجتك ، يجرحك من كلامها : تقول ما كنت هكذا ، أنت تغيَّرت ، ما هذا دينك السميك ؟ يمكن أن يكون أولادك ، ألا يتحمَّلوا ، وكذلك جيرانك ، شركاؤك ، وأقرب الناس إليك ، فعندما يفهم الإنسان الإسلام فهماً اجتماعياً ، عواطف دينيَّة فقط ، فالقضيَّة سهلة ومحتملة ؛ أما حينما يطبِّق الإسلام تطبيقاً حقيقياً ينشأ من هذا التطبيق المتضرِّرون ، المعارضون ، فينشأ حوله مشكلة ، فإذا أراد الإنسان طاعة الله عزَّ وجل فلا يتوقَّع أن الطريق ورود ؛ بل يتوقعَّ أن الطريق فيه متاعب وأشواك .
إذا كنت في شركة ، وأردت أن تطبِّق أمر الله عزَّ وجل ، الشركاء لا يرضون عن ذلك ، هنالك أرباح طائلة سيجنيها الشركاء من بعض الأساليب غير المشروعة في كسب المال ، فإذا قلت : أنا لا أوافق على هذا الشيء ، فبالطبع تنتهي الشركة ، و يتفاصل الشركاء ، فدائماً وطِّن نفسك أن طاعة الله لها ثمن ، ولا يمكن أن تجمع بين الدنيا والآخرة ببساطة .. لأن من أحبَّ دنياه أضرَّ بآخرته ، ومن أحبَّ آخرته أضرَّ بدنياه .. هذا ليس تشاؤماً ، ولكن من طبيعة الأمور أنك إذا أردت أن تقيم منهج الله عزَّ وجل فهناك معارضون ، هناك متضرِّرون ، هناك من يُسَفِّه هذا الاتجاه ، هناك من يقف في طريقك ، هناك من يكيدُ لك ، جاء في الآية الكريمة :
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) ﴾ .
 
من نتائج المعارضين : التوكّل على الله وحده :
 
أي أن أقوى جهة في الكون توكَّل عليها ، الله معك ، فإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (3) ﴾ .
لذلك ورد في بعض الأحاديث أنه :
(( إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكَّل على الله ، إذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتقِ الله ، إذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك )) .
[ ورد في الأثر ]
ألا تحبُّون جميعاً أن تكونوا أقوى الناس ، وأكرم الناس ، وأغنى الناس ؟ عليكم بطاعة الله عزَّ وجل .
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) ﴾ .
والله لو توكَّلتم على الله حقَّ التوكُّل ، والله الذي لا إله إلا هو لزوال الكون عندئذٍ أهون على الله من أن يتخلَّى عنكم .
(( ما من مخلوقٍ يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيَّته ، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً ، وما من مخلوقٍ يعتصم بمخلوقٍ دوني أعرف ذلك من نيَّته ، إلا جعلت الأرض هوياً تحت قدميه ، وقطَّعت أسباب السماء بين يديه )) .
وفي الحديث :
 
 
 
(( مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلا مَا قُدِّرَ لَهُ )) .
[ سنن الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ]
ويَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ في الحديث القدسي :
(( مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ ، وَفَضْلُ كَلامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ )) .
[سنن الترمذي : عَنْ " أَبِي سَعِيدٍ "]
أنت تريد ، وأنا أريد ، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتكما تريد ، وإن لم تسلِّم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد ، لي عليك فريضة ، ولك عليَ رزق ، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك ، وعزَّتي وجلالي إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلِّطنَّ عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في البريَّة ، ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ، ولا أبالي ، وكنت عندي مذموماً " .
إذاً :
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ﴾ .
هذه الآيات إن شاء الله نشرحها في الدرس القادم .
 
والحمد لله رب العالمين
 

 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب