سورة البقرة 002 - الدرس (80): تفسير الآيات (238 - 239) الصلاة الوسطى وحقيقة الصلاة

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات"> سورة البقرة 002 - الدرس (80): تفسير الآيات (238 - 239) الصلاة الوسطى وحقيقة الصلاة

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات">


          مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج من كنوز النابلسي 2: من كنوز النابلسي - 163 - أنا عند ظن عبدي بي           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 16 - متى تصبح القدس عاصمة الخلافة - د. راغب السرجاني           برنامج الكلمة الطيبة 2024: الكلمة الطيبة - فضل الدعاء           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 397 - سورة المائدة 028 - 032           برنامج بريد الأسرى: بريد الأسرى - 24 - 04 - 2024           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 15 - معاملةالأسرى في الإسلام - د. راغب السرجاني         

الشيخ/

New Page 1

     سورة البقرة

New Page 1

تفسير القرآن الكريم ـ سورة البقرة - تفسيرالآية: (238 - 239) - الصلاة الوسطى وحقيقة الصلاة

20/03/2011 18:59:00

سورة البقرة (002)
الدرس (80)
تفسير الآيات: (238-239)
الصلاة الوسطى وحقيقة الصلاة
 
لفضيلة الدكتور
محمد راتب النابلسي
 

  
بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 
الحكمة من إقحام آية الصلاة بين آيات الطلاق وآيات الجهاد :
 
أيها الأخوة الكرام؛ مع الدرس الثمانين من دروس تفسير سورة البقرة، ومع الآية الثانية والثلاثين بعد المئتين، وهي قوله تعالى:
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
العجيب أيها الأخوة أن هذه الآية جاءت يتيمةً بين آيات الطلاق وآيات القتال، وقد يسأل سائل: ما العلاقة بين أمرٍ تكليفيٍ تعبُّديٍ شعائري، وبين شأنٍ تكليفيٍ تشريعي كقضية الطلاق، وبين أمرٍ جهاديٍ كالقتال؟
جاءت آية الصلاة مُقحمةً بين سلسلة آياتٍ تتحدث عن أحكام الطلاق، وبين سلسلة آياتٍ تتحدث عن أحكام الجهاد. لعل الحكمة من أن تكون هذه الآية بين آيات الطلاق وآيات الجهاد؛ أن الإنسان لا يستطيع أن يقيم أمر الله، وأنْ ينفِّذه، ولا أن يضحي بنفسه في سبيل الله إلا أن يكون متَّصلاً بالله، وتطبيق آيات الله؛ الالتزام بالأمر والنهي، وبذل الغالي والرخيص والنفس والنفيس يحتاج إلى طاقةٍ عاليةٍ جداً، هذه الطاقة تأتينا من الصلاة، ليس هناك طاقةٌ من دون اتصالٍ بالله، ومن دونها ليس هناك إمكانٌ أن تلتزم بما أمر الله، وأن تنتهي عما نهى الله، والمنافق تضعف همَّته أن ينفذ أمر الله، وأنْ ينتهيَ عما نهى الله عنه، وأن يفعل شيئاً أراده الله، فهو ضعيف..
 
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾
[سورة النساء: 142]
إذا كانت همّةُ المنافق تضعف عن أن ينفِّذ أمر الله التشريعي، وأن ينتهي عما نهى عنه أيضاً، فلأَنْ يَعْجَزَ عن أن يبذل الغالي والرخيص، والنفس والنفيس في سبيل الله من باب أولى، لا يستطيع، فكأن الله عزَّ وجل يرشدنا إلى: أنكم يا عبادي؛ إن لم تتصلوا بي، وإن لم تقتبسوا هذه الطاقة من خلال إقبالكم عليّ فلن تستطيعوا لا أن تنفذوا أمراً، ولا أن تبذلوا نفساً، تنفيذُ الأمر غير بذل النفس، فإنسانٌ ضبط لسانه، نفذ الأمر، وضبط عينه، وغض بصره، وضبط سمعه، فما استمع إلى الغناء، بل ضبط يده فما بطش بها، وضبط رجله، فما سار بها إلى معصية، فالضبط يحتاج إلى اتصال بالله.
 
الصلاة هي الفرض المتكرر الوحيد الذي لا يسقط بحال :
 
والآن، فالبذل هو أن تبذل المال والوقت والجهد والصحة والنفس، وهذا يحتاج إلى طاقةٍ كبيرةٍ جداً، وهذه الطاقة تأتيك من الاتصال بالله عزَّ وجل، فالإنسان المتصل بالله يفعل المعجزات، والإنسان المقطوع عن الله لا يستطيع أن يفعل شيئاً، وهمَّته ضعيفة، ويميل إلى الراحة والاسترخاء واختصار الأمور، فبيْن أن تملك هذه الطاقة العالية كي تقيم أمر الله، وبين أن تكون مقطوعاً عن الله عزَّ وجل، والمقطوع عن الله لا يستطيع لا أن يقيم أمر الله، ولا أن يبذل في سبيل الله شيئاً. ولذلك جاءت آيات الصلاة مقحمةً بين آيات الطلاق وآيات الجهاد، أي في الطلاق التزام، وامتناع، وانضباط، وسيطرة على الذات، وفي الجهاد بذل؛ بذل ماذا؟ بذل أثمن شيء يملكه الإنسان؛ إنه حياته، فلا تستطيع لا أن تلتزم ولا أن تضحي إذا لم تكن موصولاً بالله عزَّ وجل، وهذا معنى إقحام آية الصلاة بين آيات الطلاق وآيات الجهاد.
أيها الأخوة؛ كما تعلمون الدين أركانه خمسة؛ شهادة أن لا إله إلا الله، أي شهادة التوحيد، وشهادة أن محمداً رسول الله، أي شهادة الرسالة، هذه تلفظ مرةً واحدة في العمر وانتهى الأمر، إلا إذا ارتدّ الإنسان، أو حلف يميناً غموساً، فهذه اليمين الغموس الذي يقتطع بها حق امرئٍ مسلم تخرجه من الدين، فلا بد أن يدخل في الدين ثانيةً، فيعلن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، فإيتاء الزكاة تسقط عن الفقير، والصوم يسقط عن المريض والمسافر، ويؤدَّى بعد ذلك أداءً، والحج يسقط كليةً عن الفقير، ويسقط أداؤه البدني عن الغني المريض، فلا بد من أن يوصي بحجة بدل، إذاً الشهادة مرة واحدة، شهادة التوحيد وشهادة الرسالة، والزكاة قد تسقط عن الفقير، والصوم يسقط عن المريض والمسافر، والحج يسقط عن الفقير والضعيف، فما هو الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال؟ إنه الصلاة، ولذلك ورد أنه:" لا خير في دينٍ لا صلاة فيه "، إنها الاتصال بالله.
 
العبادات في الإسلام عباداتٌ معللةٌ بمصالح الخلق :
 
أيها الأخوة الكرام؛ العبادات في الديانات الوضعية الوثنية طقوسٌ لا معنى لها إطلاقاً، حركاتٌ، وإيماءاتٌ، وتمتماتٌ لا تعني شيئاً، ولكن العبادات في الإسلام عباداتٌ معللةٌ بمصالح الخلق، قال تعالى:
 
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ ﴾
[ سورة العنكبوت: 45 ]
تنهى نهياً ذاتياً، وأروع ما في الدين هذا النهي الذاتي ـ الوازع الداخلي ـ مثل بسيط: أعرابيٌ راعي غنم، أراد ابن عمر ـ كما تروي الروايات ـ أن يمتحنه فقال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها. قال: ليست لي. قال: قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب. قال: ليست لي. قال: خذ ثمنَها. قال: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادقٌ أمين، ولكن أين الله؟
فعظمة هذا الدين كله مترَكِّزة في الوازع الداخلي، رجل أعطاني ورقةً، أو وضع على طاولتي ورقة قبل سنوات، وأنا محتفظٌ بها، قال: والله أديت لورثةٍ عشرين مليوناً لا يعلمون عنها شيئاً، ولست مُداناً في الأرض بها، ولا محاسباً عليها، ولا مطالباً بها، ها هو الوازع الداخلي. أعظم شيءٍ في الدين، الوازع الداخلي، فقد تجد إنساناً في رمضان، وفي الحمام، والماء بارد كالزلال، وهو صائم، هل يستطيع أن يدخل في فمه قطرةً واحدة؟ فمن يراقبه؟ الله جل جلاله، فلا تجد إنساناً يمكن أن ينضبط كالمؤمن، لأن الله معه، أما اجعل الضبطَ ضبطاً خارجيّاً، فمستحيل.
 
الدين مبني على الوازع الداخلي :
 
لو تخيلنا أنه ليس في الإسلام قيَم، وأراد أولو الأمر أن يفرضوا الصيام من أجل صحة الناس، ونقاء أجسامهم، فهل يستطيع ولي أمر المسلمين في أي زمانٍ أو مكان أن يحقق هذا الأمر؟ طبعاً الإنسان لا يشرب أمام الناس، أما إذا دخل بيته فيشرب، ويأكل، ويفعل كل شيء، فما هذا الدين الذي يجعل الإنسان مراقباً وهو في فراشه، أو بيته، أو في أداء حاجاته؟ إنّه الدين، الدين مبني على الوازع الداخلي، أساس هذا الوازع:
 
﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ﴾
 [ سورة العنكبوت: 45 ]
أما في بلاد الغرب، بلاد الرُّقي، فكل هذا الرقي ضبطٌ خارجي ـ ضبط إلكتروني ـ سوق فيه ألوف الملايين من البضائع، وخمس موظفين على أبواب هذا السوق، فأيةٍ سلعةٍ لم يدفع ثمنها تصدر صوتاً، فيلقى القبض على هذا الإنسان المحتال، فما دام أية سلعة في هذا السوق الكبير إن لم تدفع ثمنها، وتلغي تأثير هذه المادة، وأنت خارج تصدر صوتاً كبيراً، إذاً استقامة الناس هناك أساسها الرادع الخارجي، فهنا الفرق الكبير بين المسلم وبين الإنسان المدني المنضبط بالقوانين، إنسان ينضبط بالقوانين لأن هناك أدوات مراقبة عالية جداً، لكن عندما انقطعت الكهرباء في نيويورك، تمت مئتا ألف سرقة بقيمة اثنين بليون دولار، انقطعت الكهرباء فانقطع الرادع، وانقطعت المراقبة، وانتهى الأمر، أمّا نظام الإسلام فمبني على الوازع، ونظام العلمنة مبنيٌ على الرادع الخارجي، وشتان بين الوازع والرادع، السرعة مثلاً محددة في أمريكا، ما هو الرادع الذي يكشفها؟ أجهزة رادار موضوعة على أطراف الطرق، لكن الإنسان أذكى من واضع القانون، فاخترع جهازاً  يطلق لمركبته العنان إلى سرعة مئتي كيلو متر في الساعة، وهو يحمل في السيارة جهازاً يصدر أصواتاً قبل جهاز الرادار، فيخفف السائق السرعة إلى السرعة المطلوبة، فجهاز الضبط الذي صنعه أولو الأمر ألغي بجهازٍ مقابل، فلا بدّ لأولي الأمر من أن يصنعوا جهازاً يكشفون ما في المركبات من أجهزة، وهذه معركةٌ لا تنتهي، فواضع القانون ذكي، والمواطن أذكى، وهي معركة بين واضع القانون، وبين الذي يُطبَّق عليه، والقضية لا تنتهي، أما في الإسلام فالمشرِّع هو الله..
 
﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾
[سورة الحديد: 4]
انتهى الأمر.
 
كل الفضائل الإنسانية أساسها اتصالٌ بالله عزَّ وجل :
 
المؤمن يخاف، لأنّ المشرع هو الله:﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾.
 
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾
[ سورة غافر: 19].
شخص يجلس في غرفته، فينظر من النافذة، فإذا في بيت الجيران امرأةٌ خرجت إلى الشرفة، مَن يستطيع أن يضبطه إذا نظر إليها إلا الله؟ امرأةٌ أمام طبيبٍ مسلم، مَن الذي يكشف انتقال طرْفه إلى مكانٍ ينبغي ألا ينظر إليه؟ الله عزَّ وجل:﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ﴾.. فأعظم ما في هذا الدين أن الإنسان مراقب من قِبَل الله عزَّ وجل، والذي يشعر بهذه المراقبة لا بد من أن يستقيم على أمر الله، والصلاة هي التي تمنح الإنسان هذه المراقبة، وهذا الانضباط الذاتي، وهذا الفعل الرائع في الوازع الداخلي، ولذلك لا خير في دينٍ لا صلاة فيه:
((الصلاة عماد الدين، مَن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين ))
 [السيوطي في الجامع الصغير عن عمر]
 أيها الأخوة؛ طبعاً هذا التمهيد لأن الآية دقيقة جداً..
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ﴾
أيها الأخوة؛ الصلاة اتصالٌ بالله عزَّ وجل، وأنت إذا اتصلت بالرحيم، اشتققت منه الرحمة، وإذا اتصلت بالقوي، اشتققت منه الشجاعة، وإذا اتصلت بالحكيم، اشتققت منه الحكمة، فكل الفضائل الإنسانية أساسها اتصالٌ بالله عزَّ وجل.. "، وإن مكارم الأخلاق مخزونةٌ عند الله تعالى، فإذا أحب الله عبداً منحه خلقاً حسناً ".. وكل الفضائل التي يتمتع بها المؤمن من أين تأتيه؟ من اتصاله بالله عزَّ وجل، فالصلاة عماد الدين.
 
من خلال اتصالك بالله عزَّ وجل تكتسب الحكمة :
 
الصلاة أيها الأخوة قُربٌ من الله تعالى، قال تعالى:
 
﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ
[ سورة العلق: 19 ]
الصلاة ذكر لله عزَّ وجل:
 
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
[ سورة طه:14]
الصلاة طهارةٌ من كل دنس، الصلاة طهور، والصلاة نور، معك مصباحٌ وضَّاء يكشف لك الحق حقاً فتتبعه، ويكشف لك الباطل باطلاً فتجتنبه، ما هذا النور؟
 
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً ﴾
[ سورة الأنفال: 29 ]
من خلال اتصالك بالله يقذف في قلبك النور، فترى به الحق حقاً، والباطل باطلاً، والخير خيراً والشر شراً.
أيها الأخوة؛ ومن خلال اتصالك بالله عزَّ وجل تكتسب الحكمة، قال تعالى:
 
﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً ﴾
 [ سورة البقرة: 269]
هي طهور، وهي نور.
 
الصلاة طهور ونور وحبور وقُرب من الله :
 
بالمناسبة فما من عملٍ أحمق أو مدمِّر إلا وينطلق من عمىً:
 
﴿ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾
 [ سورة الحج: 46 ]
وما من عملٍ نافعٍ، أو عملٍ يرقى بالإنسان إلا وينطلق من رؤيةٍ صحيحة، فكل إنسان يتقي الله يجعل له نوراً يمشي به في الناس..
 
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾  
[سورة الحديد: 28]
فالصلاة طهور، والصلاة نور، وهي حبور وسعادة:
(( أرحنا بها يا بلال ))
[ أبو داود عن سالم بن أبي الجعد ]
وفرقٌ كبير بين أرحنا بها، وأرحنا منها، فالصلاة يرتاح بها المؤمن، وهي عبءٌ على المنافق، وفرقٌ بين أن تكون راحةً وبين أن تكون عبئاً، إذاً فالصلاة طهور، ونور، وحبور، وقُرب من الله.
 
﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ
[ سورة العلق: 19 ]
 
الصلاة ذِكر وعقل ومناجاة :
 
الصلاة ذِكر:
 
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
[ سورة طه: 14]
والصلاة عقل، لَيْسَ لِلْمرْءِ مِنْ صَلاَتِهِ إِلاَّ مَا عَقَلَ مِنْهَا، والدليل:
 
﴿  لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ
 [ سورة النساء: 43 ]
فالذي يصلي ولا يعلم ماذا قرأ في الصلاة، هذا في حكم السكران، فالصلاة عقلٌ، وقربٌ، وذِكرٌ، وسعادةٌ، وطهارةٌ، ونورٌ، وعروجٌ إلى الله عزَّ وجل، الصلاة معراج المؤمن.
والصلاة مناجاةٌ لله عزَّ وجل:
(( لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل ))
[عبد الرزاق ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن الحسن مرسلاً]
إنها مناجاة، وعروج، ونور، وحبور، وطهور، وذِكر، وعقل، وقُرب، وما إلى ذلك، ولذلك يتفاوت المؤمنون فيما بينهم بإحكام اتصالهم بالله عزَّ وجل.
 
الشرط الأساسي للصلاة أن تلتزم منهج الله عزَّ وجل :
 
أخواننا الكرام؛ من البديهيّات في الدين التي لا بد أن تكون واضحةً في أذهانكم أن كل ذنبٍ يحجبك عن الله، إن أردت أن يكون الطريقُ سالكاً، والبابُ مفتوحاً، والاتصالُ مُحْكماً فلا بد أن تستقيم على أمر الله، فالشرط الأساسي للصلاة أن تلتزم منهج الله عزَّ وجل.
ونحن يوجد عندنا أحكام الفقهاء وهي رائعةٌ جداً، ولكنها تتناول شكليات الصلاة، فلا بد  أن تتوضأ، والوضوء له أحكام، وله فرائض، وواجبات، وله سنن، وله مستحبات، ولا بد من أن تتوَجَّه نحو القبلة، ولا بد من أن يكون المكان طاهراً، والثوب طاهراً، والبدَن طاهراً، ولا بد من أن يدخل وقت الصلاة، ولا بد أن تقف، وأن تقرأ، وأن تركع، وأن تسجد، وأن تقعد القعود بين الركعات، والقعود الأخير، هذه أحكام الصلاة، ولكن هذا عند الفقهاء، أما عند علماء القلوب فلا بد من أن تستقيم على أمر الله حتى يكون الاتصال ناجحاً بينك وبين الله، لأنّ أي ذنبٍ يحجبك عن الله، وإذا تكاثرت الذنوب كان الران على القلب..
 
﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة المطففين: 14]
وحينما يستمر الإنسانُ في الخطأ، وفي المخالفات، وفي بعض المعاصي، فهذه كلها تجعل قلبه في غلافٍ..
 
﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ  ﴾
[ سورة البقرة: 88 ]
مغلَّفة بالمعاصي، فكل معصيةٍ حجابٌ عن الله عزَّ وجل، الآن الحُجُب أنواع؛ فهناك حجاب رقيق يزول سريعاً، وهناك حجاب كثيف، أحياناً هناك ورقة، وأحياناً هناك ورقة ذات سمك أعلى، وأحياناً هناك جدار إسمنتي، فكلما كبرت المعصية ازداد الحجاب، وكل إنسان يهمل التوبة يكثف حجابُه شيئاً فشيئاً، حتى يألف القطيعة عن الله عزَّ وجل، ويألف الجفوة بينه وبين الله، وعندئذٍ لا يعي على خير، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ))
[ رواه ابن ماجه عن أبي هريرة ]
 
المؤمن بالصلاة يفعل المعجزات :
 
هذه الصلاة هي السِّمَةُ الصارخةُ لأصحاب رسول الله الذين افتدوه بأرواحهم، وبذلوا الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، فما هذا الحبُّ؟! صحابي يقع في الأسر، فيقول له أبو سفيان: أتحب أن يكون محمدٌ مكانك وأنت في أهلك؟ فانتفض وقال: والله ما أحب أن أكون في أهلي وولدي، وعندي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة. حتى قال أبو سفيان ـ وكان مشركاً ـ: ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً.
هذا الحب المتأجج، من أين يأتي؟ من الاتصال بالله، هذه امرأةٌ ـ وكلكم يعلم مَن هي المرأة ـ امرأة ترى زوجها مقتولاً، في معركة أحد ثم ترى ابنها مقتولاً، ثم ترى أخاها مقتولاً، ثم ترى أباها مقتولاً، من أندر القصص، أبوها، وأخوها، وزوجها، وابنها، هل هناك من رجال ألصق من هؤلاء بالمرأة؟ ما تقول شيئاً بل تقول: ما فعل رسول الله؟ فما زالت مضطربةً حتى رأته سليماً معافىً، وقالت: يا رسول الله كل مصيبةٍ بعدك تهون، هذا هو الحب.
هذا الحب من أين جاء؟ من الاتصال بالله، تجد المؤمن يفعل المعجزات، والله عزَّ وجل يمكِّنه، يمدُّ، والحبُّ هو المحرك، فقد تجد مركبة فخمة جداً، مطلية بطلاء رائع زاهٍ، ومقاعد وثيرة، ومرايا نظيفة، وأبواب فارهة، ولكن ليس فيها محرك، فهذه ليست مركبة، وليست سيارة، بل هذه وقَّافة، هذه الطائرة المطعم الموجودة عندنا في الشام، هل تعد هذه طائرة؟ ليس فيها محرك، فالإنسان من دون صلاة بلا محرك، أما بالصلاة فيفعل المعجزات، وقد يعمل عشرين ساعة دون تعب، والذي لا يصلي يتعب بعد ربع ساعة، ويميل للراحة، وإلى الاسترخاء، واستهلاك جهد الآخرين، ويميل إلى كل شيء مريح، أما المصلي فيفعل كل شيء.
 
أحب شيءٍ إلى الله الصلاة على وقتها :
 
هناك فرق بين الصحابة الكرام، وبين مسلمي آخر الزمان في الصلاة، لقد اعتنوا بها عنايةً فائقة، فاتصلوا بالله، وكانوا كالمراجل، ولما لم يحافظ المسلمون على الصلاة، صلوها، ولكن لم يحافظوا عليها، فإنسانٌ دخله حرام، ثم يقف ويقول: الله أكبر، يقف، ويُكَبِّر، ويقرأ، ويركع، ويسجد، ولكنه مقطوع عن الله عزَّ وجل، وليس موصولاً معه، بل متلبس بالمعاصي، وظالم للناس مثلاً، أو ظالم لزوجته، أو لشريكه، فالدخل حرام، والعلاقات مع النساء كلها غير منضبطة، والبيت غير إسلامي، والأولاد لم يتلقوا تربيةً من أبيهم، وإذا صليت الآن!!
إياكم ثم إياكم أن تفهموا مني أن هذه الصلاة يجب أن تُترك، أعوذ بالله، أعوذ بالله أن أقول هذا الكلام، ولكن إن لم ينضم إليها الاستقامة والعمل الصالح فلا تقطف ثمارها، وكنت أقول لكم دائماً: السلامة تحتاج إلى استقامة، والسعادة تحتاج إلى بذل، فما لم تستقم على أمر الله وتبذل من مالك ووقتك وجهدك شيئاً لإرضاء الله عزَّ وجل، فلن تستطيع أن تتصل بالله، ولا أن تقطف الثمار من الصلاة..
ولهذه المقدمة أقول: يقول الله عزَّ وجل:
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ﴾
حافظوا على أدائها في وقتها، وأحب شيءٍ إلى الله الصلاة على وقتها، ومَن أخَّر الصلاة عن وقتها أذهب الله البركة من عمره، حافظوا على الصلوات في أوقاتها، حافظوا عليها بإتمامها على النحو الذي أراده الله عزَّ وجل، مِنَ الوقوف، والركوع، والسجود، والقراءة، حافظوا على الصلاة؛ بمعنى أن تُسْبَقَ باستقامة على أمر الله، فإذا حافظ الطالبُ على الدوام في الجامعة، ولكنه لم يدرس ولا كلمة، فما قيمة هذا الدوام؟ ما درس، فالمحافظة على الجامعة لا يعني أن تداوم فقط، ولكن أن تدرس في البيت، فلذلك يقول الله عزَّ وجل:
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
 
لا بدّ أن تستقيم على أمر الله حتى يتاح لك أن تتصل بالله :
 
داوموا على أدائها لأوقاتها مع رعاية فرائضها، وسننها من غير إخلالٍ بشيءٍ منها، وقد كان عليه الصلاة والسلام أخف الناس صلاةً في تمام، المحافظة على الصلاة بالمعنى الفقهي سهل جداً، أن تصليها في وقتها، وأن يكون وضوؤك سابغاً، وأن يدخل الوقت، وأن تتجه نحو القبلة، أن يكون البدن طاهراً، والثوب طاهراً، والمكان طاهراً، وأن تقف، وتركع، وتسجد، وتقرأ كما أراد النبي عليه الصلاة والسلام:
((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي))
      [البخاري عن مالك بن الحُويرث]
هذا عند الفقهاء، أما عند علماء القلوب فلا بد أن تسبق الصلاة طاعةٌ لله، ولا بد أن تدخل إلى الصلاة وأنت مستقيمٌ على أمر الله، وضابطٌ لسانك، وعينك، ويدك، وأذنك، ورجلك، وهذا كلام دقيق، فضلاً عن شروط الفقهاء: من أن تقف، وأن تتوضَّأ، وأن تقف تجاه القبلة، فضلاً عن ذلك لا بد من شرط علماء القلوب، لا بد أن تستقيم على أمر الله حتى يتاح لك أن تتصل بالله.
إن أردت أسرع من ذلك، فلا بد أن تبذل شيئاً قبل الصلاة، شيئاً من وقتك، ومن مالك، أن تعمل عملاً صالحاً، نصيحة مسلم، أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وأن ترشد الإنسانَ الضالَّ، وأن تعين الضعيف، وأن تعطيَ الفقيرَ، وأن تعتني بطالب العلم، ولا بد من عملٍ يكون هديةً بينك وبين الله.
 
لا تستطيع أن تتصل بالله إلا بعملٍ طيب :
 
كنت أضرب مثلاً للتقريب؛ جندي غر التحق بثكنة، وعلى رأسها ضابط يحمل رتبة لواء، وبين هذا الجندي الغر وبين هذا اللواء مراتب كثيرة جداً، فلا يتاح لهذا الجندي الغر أن يدخل على اللواء، بل مستحيل، بل من سابع المستحيلات أن يسمح له بمقابلته، لأنّ هناك مراتب كثيرة جداً وتسلسل، إلا في حالةٍ واحدة هي أن يرى هذا الجندي ابن هذا اللواء يسبح، وكاد يغرق، فيلقي بنفسه وينقذه من الغرق، في اليوم التالي يستطيع أن يلغي كل هذا التسلسل، وأن يقتحم عليه غرفته ويقول له: أنا فلان، فإذا باللواء يقف له، ويقول: أنت فعلت معي شيئاً لا أنساه حتى الموت، فما الذي جعل هذا الجندي الغر يقتحم مكتب اللواء ويدخله بوجهٍ أبيض؟ إنّه عمله الطيب، فأنت بشكلٍ أو بآخر لا تستطيع أن تتصل بالله إلا بعملٍ طيب، والدليل:
 
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ﴾
 [ سورة الكهف:  110 ]
وأبواب الله مفتَّحة، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، اعمل عملاً طيباً، في البيت هناك عمل طيب، كن أباً كاملاً فهذا عمل طيب، وكن ابناً باراً، وكوني زوجةً وفيةً، وكن أخاً رحيماً، والآن كن تاجراً صدوقاً، أو كن موظفاً أميناً على مصالح المواطنين، واخدم الناس؛ وكن عفيفاً، وابذل وانصح الناس، وتعالَ إلى الصلاة، تقف بوجهٍ أبيضَ كهذا الجندي الذي اقتحم على اللواء مكتبه لأنه عمل معه عملاً طيباً.
أنا أقول لبعض الأخوة: كل هؤلاء الناس عباد الله، فإذا أكرمتهم، ونصحتهم، وطمأنتهم، وأخلصت لهم، وقدَّمت لهم خدمة، وأعنت ضعيفَهم، وأطعمت جائعهم، وكسوت عاريهم، فالله عزَّ وجل يتجلَّى عليك بالصلاة، كلام دقيق وواضح كالشمس أيها الأخوة، هذه أدق نقطةٍ في الصلاة: كيف تقف بين يدي الله عزَّ وجل كي تتصل به وقد ضربت فلاناً، وشتمت فلاناً، واعتديت على فلان، وقتلت فلاناً، وابتززت مال فلان، واحتلت على فلان، وتقول: يا رب الحمد لله رب العالمين، سوف تجد الطريق مسدوداً، ملعون هذا الإنسان، لعنه الله، وأبعده عن جلاله، فكيف تستطيع أن تصلي ومالُك حرام؟ وأنت تبني مجدك على أنقاض الآخرين؟ تبني حياتك على موتهم، وغناك على فقرهم، وأمنك على خوفهم، وكيف تستطيع أن تصلي وقد أسأت لمن حولك؟ هذا زوج ظالم، وذاك تاجر غشاش، ورجلٌ ماكر، وشريك محتال، وموظف يبتز أموال الناس، ويعقِّد الأمر عليهم، كيف يستطيع أن يصلي؟ بإمكانك أن تقف، وأن تقرأ، وتركع، وتسجد، أما أن تتصل بالله وقد أسأت إلى خلقه، وابتززت أموالهم، وأخفتهم، وأتعبتهم، والإنسان بُنيان الله وملعون مَن هدم بنيان الله، فلا تستطيع أن تصلي.
 
إن أردت أن تكون موصولاً بالله فعليك بطاعة الله والإحسان إلى خَلْقه :
 
أكاد أقول أيها الأخوة: هذه أخطر نقطة في الدين كله، الدين كله أنْ تستقيم، وأنْ تكون صادقاً.. قَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:
(( أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْماً أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصَدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ والْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ))
[أخرجه الإمام أحمد عن أم سلمة أم المؤمنين ]
هذا هو الإسلام، الإسلام أخلاق، والإسلام صدق، وأمانة، ونصيحة، وعفة، وحكمة، ورحمة، هذا هو الإسلام، إنْ كنتَ هكذا فالطريق إلى الله سالك، والآن إنسان عنده هاتف ولكن لا يوجد خط، رفع السماعة فلم يسمع صوتاً، ليس للخطِّ قيمة إطلاقاً إلا بهذا الصوت، يقال: الخط لا توجد حرارة، والاستقامة تحدث حرارة، ومن دون استقامة لن توجد الحرارة، الخط مقطوع، إن أردت أن تكون موصولاً بالله فعليك بطاعة الله، وعليك بالإحسان إلى خَلْقه، والإنسان بنيان الله وملعونٌ من هدم بنيان الله.
جاء إنسانٌ فقيرٌ ليشتري منك حاجة، فشعرت أنه مغفّلٌ، فبِعته حاجةً سيِّئةً بسعرٍ باهظ، ثم تقول: أخي حان وقت الصلاة، وقد أذَّن، نذهب إلى المسجد، أي مسجد هذا؟ هذه اسمها احتيال، فأنت تغش الناس، وتكذب عليهم، وتبتزُّ أموالهم، تخوِّفهم أحياناً، وتحتال عليهم، وتطلب شيئاً ليس من حقك أن تأخذه، ولادة طبيعية، تقول: قيصرية، ستة عشرَ ألفاً، فصدقك وقال لك: مثلما تريد، علماً بأنّ الولادة عادية جداً، طبعاً بين ثلاثة آلاف وبين ستة عشرَ ألفاً فرق كبير، وهكذا الطبيب، والمدرس، والمحامي، وكل إنسان هكذا، قضية خاسرة، يقول: لا، سأكسبها لك، ثماني سنوات ذهبت معه، هات عشرة، وهات عشرة حتى ابتزَّ منه مئتي ألف، وبعد ذلك قال له: خصمك دبَّر القاضي، فماذا أفعل لك؟! ويصلي ويقف في أول صف..
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ ﴾
بمعنى حافظ على التزامٍ قبل الصلاة، وعلى طاعةٍ الله قبل الصلاة، حافظ على إحسانٍ للخلق، كي تجد الطريق سالكاً، وكي تجد صوتاً في هذا التليفون.
 
معنى الصلاة الوسطى :
 
أيها الأخوة:
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾
 
1 ـ إحدى الصلوات الخمس :
 
قال: الوسطى؛ هي الوسطى بين الصلوات، بمعنى المتوسطة، فهناك مَن قال: الصبح هي الصلاة الوسطى، وبعضهم قال: الظهر، وآخرون قالوا: العصر، والبعض قال: المغرب، وآخرون قالوا: العشاء، ولكل هذه الأوقات الخمس أقوالٌ معتمدة، وهذه قضية خلافية.
 
2 ـ الصلاة المعتدلة بين الطول والقصر والجهر والإسرار والتكلف والتساهل :
 
وبعضهم قال: الصلاة الوسطى هي الصلاة المتوسطة:
 
﴿ وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا ﴾
 [ سورة الإسراء: 110 ]
لا تكون صلاة لأربع ساعات، ولا صلاة لدقيقة واحدة، ولكنها صلاة وسطى، هي معتدلة في الطول والقصر، وفي الجهر والسر، وهناك صلاة فيها تكلُّف غير مقبول، وهناك صلاة فيها تساهل، والصلاة الوسطى بين الصلاتين، هي بين التكلف الممقوت والتساهل الذي يؤدي إلى عدم قبولها، وبين إطالتها إطالةً غير معقولة وبين أن تكون مختصرة، وبين أن ترفع صوتك فتشوِّش على الناس كلهم، و قد يكون هناك درس علم ويأتي أخ فيصلي، ويقتدي به اثنان أو ثلاثة، فيُسمع الحرم والصحن بصوته!! شوشت على الدنيا كلها، أسمع مَن حولك، لا، هو متقن التجويد، يجب أنْ يُسمعك، لي درس في بعض الجوامع، يبدأ درسنا، فيأتي اثنان ويصليان بأعلى ما يمكن، فصار التدريس صعباً، فالصلاة الوسطى: المعتدلة بين الطول والقصر، وبين الجهر والإسرار، وبين التكلف المقيت وبين التساهل المتفلِّت، هذا هو المعنى الثاني.
 
3 ـ إحدى الصلوات غير الصلوات الخمس :
 
وقال بعضهم: هي بعض الصلوات الخاصة غير الخمس، كصلاة الفطر، وصلاة الأضحى، وصلاة الجماعة، وصلاة الخوف، أو صلاة الجمعة، أيْ الصلوات غير الخمس..
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾
أو على طريقة للصلاة معتدلة متوسطة، أو على أوقات بعينها، وبعضهم قال: حافظوا على الصلاة بين الصلاتين، كن مع الله عزَّ وجل بالدعاء وبالإقبال.
 
4 ـ الصلاة الوسطى هي صلاة العصر :
 
أما علماء الأثر فقد ذهبوا إلى معنى الصلاة الوسطى أنها صلاة العصر، لما في الصحيحين عن عليٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب، وفي رواية يوم الخندق عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ))
[ متفق عليه عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
وفي روايةٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( يَوْمَ الْأَحْزَابِ شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ))
[ رواه مسلم عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
إذاً يمكن أن تكون إحدى الصلوات الخمس، أو إحدى الصلوات غير الصلوات الخمس؛ الفطر، والأضحى، والجمعة، والخوف، والجنازة، ويمكن أن تكون الصلاة الوسطى الصلاة المعتدلة بين الطول والقصر، والجهر والإسرار، والتكلف والتساهل، ويمكن أن تكون بحسب هذا الأثر الصحيح أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
أيها الأخوة؛ بيَّن بعض العلماء ما في هذا العصر من فضائل فقال: ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ))
[ متفق عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ]
أي خسر أهله وماله، فشخص يخسر أولاده وزوجته بحريق بيت مثلاً، أو يفلس، هكذا قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين.
وفي حديثٍ آخر أخرجه الإمام البخاري عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَال:
((كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ))
[البخاري عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ]
أي قدموها في أول وقتها. وفي حديثٍ ثالث:
((مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ)).
 [البخاري عن بريدة]
و "بكَّروا بصلاة العصر"، أيْ قدموها في أول وقتها.
 
أدلَّة كثيرة من القرآن والسُّنة تؤكد على أن هذه الصلاة هي صلاة العصر :
 
هناك أدلَّة كثيرة على أن هذه الصلاة هي صلاة العصر، وقال بعض العلماء: الساعة التي في يوم الجمعة، ساعة الدعاء المستجاب، تكون بعد العصر، هذا أحد أسباب ترجيح صلاة العصر، والشيء الأساسي أن النبي صلى الله عليه وسلَّم غلَّظ المصيبة في فواتها بذهاب الأهل والمال في الحديث المتقدِّم، فأول شيء يدعونا إلى أن نعظم هذه الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم غلظ المصيبة في فواتها بذهاب الأهل والمال في الحديث المتقدم.
شيءٌ آخر هو: أنّ تاركها المضيع لها حبِط عملُه كما ورد في الحديث الثالث أيضاً، العمل يحبط لمن ترك صلاة العصر، ومنها أنها كانت أحب إليهم من أنفسهم وآبائهم، وأبنائهم، وأهليهم، وأموالهم، صلاة العصر. ومنها حديثٌ عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ وَالشَّاهِدُ النَّجْمُ))
 [ رواه مسلم عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ ]
ومنها: أن انتظارها بعد الجمعة كعمرة، كما روى بعضهم في الحديث الشريف.
ومنها؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ؛ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً ))
 [ متفقٌ عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
وسيدنا سُليمان كما يذكر أتلف مالاً عظيماً لأنه شغله عن صلاة العصر، ومن هذا أيضاً أن الساعة التي في يوم الجمعة، ساعة الاستجابة، هي بعد العصر من يوم الجمعة كما يرجِّح بعض العلماء، ومنها أن وقت صلاة العصر وقت ارتفاع الأعمال إلى الله عزَّ وجل، ومنها الحديث المرفوع:" إن الله تعالى يوحي إلى الملكين: لا تكتبا على عبدي الصائم بعد العصر سيئةً ". ومنها ما جاء في قوله تعالى:
 
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
[ سورة العصر:1ـ2 ]
قال بعض العلماء: هي الصلاة الوسطى أي صلاة العصر. ومنها ما روي في الحديث: أن الملائكة تصف كل يوم بعد العصر بكتبها في السماء الدنيا، فينادي المَلَك: ألقِ تلك الصحيفة، فيقول: وعزتك ما كتبت إلا ما عمل. والشيء الذي يلفت النظر أن هذا الوقت وقت نوم، أو وقت اشتغال بالتجارة، فوقتها وقت اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم في الغالب.
 
الصلاة هي غاية الغايات وسيدة القربات :
 
إذاً وضعت بين أيديكم كل الاحتمالات، وجميع الأقوال المتعلقة بالصلاة الوسطى، فيمكن أن نلخصها:
الصلاة الوسطى هي الصلوات الخمس على الأقوال المختلفة، فبعضهم قال الفجر، وبعضهم قال الظهر، وبعضهم قال العصر، أو المغرب، أو العشاء، ومنها الصلاة الفضلى المتوازنة المعتدلة بين الطول والقصر، والجهر والإسرار، وبين التكلف والتساهل، وبعضهم قال: هي الصلوات غير الصلوات الخمس كصلاة الفطر، والأضحى، والجمعة، والجنازة، وصلاة الخوف وما شاكل ذلك، وبعضهم قال كما ورد في الأثر صلاة العصر، وقد بينت لكم أقوال بعض العلماء، ولماذا أشار النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن هذه الصلاة هي صلاة العصر..
 
﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
ورد في بعض الآثار أن الصحابة كانوا في أول فريضة الصلاة يتكلَّمون في أثناء الصلاة، فجاءت هذه الآية:
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
أي خاشعين صامتين، وبالمناسبة قال بعضهم: الصلاة فيها من كل أركان الإسلام جانب؛ فيها من الصيام، والصيام امتناع عن الطعام والشراب، والصلاة فيها امتناع عن الطعام والشراب والكلام، وفيها من الحج، التوجه إلى بيت الله الحرام، وفيها من الزكاة، أن الوقت أصلٌ في كسب المال، وأنت تقتطع من وقتك وقتاً للصلاة، وفيها من الشهادتين أنك تتشهد فيها في القعود فتقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، بل إن الصيام من أجل الصلاة، والقيام من أجل الصلاة، والحج من أجل الصلاة، والزكاة من أجل الصلاة، والصلاة من أجل الصلاة، فهي غاية الغايات، وهي سيدة القربات، وهي معراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات، وهي عماد الدين وعصام اليقين، فالصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين.
 
يمكن للخائف أن يصلي راجلاً أو راكباً :
 
إذاً..
 
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾
أي قف في الصلاة خاشعاً وساكتاً، إذ لا يقال كلام آخر في الصلاة، فمثلاً ـ وإن كانت هذه طرفة ـ لو رأيت أخاً لك يأخذ كتاباً لك، أو لو جئت بكتابٍ لتعطيه لأخيك وأنت في الصلاة، فقلت: يا يحيى خذ الكتاب، تصبح الصلاة باطلة، لأنك استخدمت آيةً في القرآن الكريم لغير ما قصد الله منها، أردت أن تنبه أخاك إلى أن الكتاب جاهز فخذه، فأنت خارج الصلاة، قال:
 
﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ﴾
يمكن أن يصلي الخائف من عدوٍ آدميٍ أو غير آدمي وهو راجل، رجالاً أي راجلين، أي وهو يمشي، وجهة الخائف جهة أمنه، وجهة المريض جهة راحته، وجهة المسافر جهة دابَّته، أو طائرته.
 
﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ﴾
أي أن تصلي وأنت راكب على دابة، أو سفينة، أو في الطائرة، أو وأنت تمشي:
 
﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ ﴾
فإذا انتهى الخوف:
 
﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾
 
والحمد لله رب العالمين

 



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب